كم عدد أساتذتنا
*************

الذى له روح التلمذة ، ويحب أن يتعلم ويكتسب كلمة منفعة ، هذا لا يستطيع أن يحصى عدد أساتذته ، أو بالأ حرى مصادر معرفته ...
ولسنا نقصد فى ذلك أساتذته فى محيط الأسرة ، من جهة الوالدين والأقارب ... ولا أساتذته فى نطاق التعليم المدرسى والجامعى وهم كثيرون ، ولا نقصد أيضاَ أساتذته فى محيط الكنيسة من جهة أب الأعتراف ، والمرشدين الروحيين ، ورجال الكهنوت ، وخدام التربية الكنسية ، وكل خدام الوعظ والمنبر ، وأساتذة كلية اللاهوت إن اُتيح له التتلمذ عليهم...
إنما لكل إنسان عدد ريحصى مَمن تلقى عليهم المعرفة ، وفى كل نواحى الحياة ، وبقصد أو بغير قصد ، شعر بذلك أو لم يشعر ....
هل يستطيع أحد أن ينكر عدد الذين أثروا بحياتهم وقدواتهم فى ومثالياته وسلوكه ، دون أن يقصدوا تعليمه ، ولكنهم تركوا أثراَ لا يُمحى فى نفسيته ، وزودوه بنماذج من الحياة انطبعت فى عقله !
هل تستطيع أن تحصى عدد الذين استفدت من حياتهم دروساَ سواء من أسلوبهم فى الكلام ، أو من طريقتهم فى التعامل ، أو طريقة حلهم للمشاكل
هل يمكنك أن تحصى عدد الذين أخذت دروساَ من روحانية صلواتهم ، أو من وداعة حياتهم ، أو شجاعتهم أو نبلهم أو كرمهم وكل ذلك دون أن يقصدوا هم أن يلقنوك درساَ
وهل ينكر أحد ما قد تعلمه من أخطاء الآخرين ، كما من مثالياتهم . وكانت أخطاؤهم ونتائج هذه الأخطاء أخراساَ عالية الصوت ، تحذره وتنذره وتخيفه ، وتلقنه دروساَ لن تنسى ...
وكما يتعلم الإنسان من أخطاء الآخرين ، لاشك أنه قد يتعلم من أخطائه أيضاَ ، ويتعلم مما يتلقاه فى حياته من عقوبات ، ومن كلمات التوبيخ ، أو من كلمات العتاب ، أوحتى من كلمات التهكم والنقد والتجريح ... هذا أن كان يحب أن يتعلم .
والعلاقات الاجتماعية هى أيضاَ دروس ، بكل مالها من نتائج .
كم درساَ أخذته خلال تعاملاتك فى الحياة كم نصيحة أو ملاحظة تلقيتها من صديق أو من عابر طريق وكم درساَ أخذته مَمن خدعك أو استغلك أو حاربك وكم درساَ أخذته مَمن ساعدك وكتم عنك مساعدته ، أو مَمن احتملك دون أن يشكو
كم فائدة أخذتها ربما من حيثك عابر بين اثنين
إذن كم عد أساتذتك من الأصدقاء والأعداء ، من الأحياء والأموات من الأبرار ومن الأشرار كليهما .. من المصيبين والمخطئين .
وهناك دروس أخرى يتلقنها الإنسان من قراءاته وهى كثيرة: سواؤ من الكتب ، أو الصحق ، أو المجلات ، أو من كل وسائل الأعلام: دروس من القصص والروايات والمسرحيات .
وحتى الفكاهات والنوادر والكوميديا ، كثيراَ ما تحمل فى داخلها دروساَ عميقة .
والأحداث هى أيضاَ أساتذة لنا ، نتلقى منها دروساَ .
كم عد الدروس التى تلقاها الناس من الموت ، ومن الحروب ، ومن الكوارث ، ومن الأنقسامات والشقاقات ونتائجها ... ومن كل الأحداث ويد الله فيها
أن الأخبار التى نسمعها أو نقرأها كل يوم تحمل دروساَ ، إن كانت تحمل عبراَ فى الحياة .
إننا نأخذ دروساَ حتى من الحيوانات والطيور والحشرات .
نتعلم النشاط من النمل ، ونتعلم النظام من النحل ، ونتعلم الوفاء من الكلب ، والشجاعة من الأسد ، والذكاء من الحية ومن الثعلب ، ونتعلم الصبر والصوم من الجمل ...
مصادر المعرفة موجودة فى كل مكان . ولكن مَن يريد أن يتعلم !
أن العالم والحياة هما مدرسة كبيرة ، كلها دروس .
كلمة منفعة لقداسة البابا شنوده