الجدية
هل تعرف ما معنى الجدية ؟ إذا كنت تعرف فهل تطبقها فى حياتك ؟ وإذا كنت لا تطبقها فى حياتك فما هى أسبابك ؟
للإجابة على هذه التساؤلات تعال نقرأ ما يلى :-
إن الجدية عمل مسيحى بالدرجة الأولى . الأباء الرسل كانت كرازتهم فى العالم بكل جدية واهتمام فاستنارت المسكونة بكلمة الخلاص . والقديس مارمرقس الرسول كان يجول فى مدينة الإسكندرية يبشر ويكرز بكل جدية رغم المصاعب التى كانت أمامه من ثقافات وديانات ومفاهيم وعادات وتقاليد ورغم المتاعب والضيقات من السلطة الرومانية أو اليهود أو الوثنيين . كان يخدم ويعمل كقول سفر الرؤيا " أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك .. ، وقد احتملت ، ولك صبر وتعب من أجل اسمى ولم تكل " ( رؤ 2: 1، 3) .
الأباء القديسون كيف ساروا فى طريقهم ؟ وكيف وصلوا إلى قمة الروحيات و القداسة ؟ القديس الأنبا أنطونيوس الكبير وكفاحه وجهاده فى البرية محتملاً الكثير من التجارب والحروب حتى غدا مؤسساً لحياة الرهبنة . الأباء السواح وحياة النسك الفائقة وسكن المغائر لسنوات طويلة لم يروا فيها إنسان على الإطلاق إلا قبل نياحتهم . القديسان مكسيموس ودوماديوس وكيف فى فترة وجيزة جداً سلكا فى روحانية وعمق الصلاة والإتحاد مع الله . القديس الأنبا موسى الأسود وجهاده الكبير ضد الخطية والشهوة وقوة توبته . القديس العظيم البابا أثناسيوس الرسولى ووقوفه أمام الأريوسية يفندها ويواجهها ويحاربها بكل قوة إيمانه الأصيل رغم أن العالم كله كان ضده ، ولولا القديس أثناسيوس لصار كل العالم أريوسياً ...
إنها الجدية بكل معانيها .. الجدية ذات الرؤية الواضحة ، والمبادىء الثابتة . الجدية وما فيها من أمانة وسهر واحتمال وصبر وإخلاص ومصداقية . الجدية لا تعرف التردد . القادرة على صنع القرار . الجدية التى تتسم بالحب والفرح والبهجة واللطف والعطاء والبذل ، وليس العبوسة أو تجهم الوجه أو العنف أو الصرامة أو الكلمات القاسية .
يقول قداسة البابا شنوده الثالث : " إن العمل الجاد مبنى على الإيمان بالعمل وأهميته وخطورته ، كما يدل على الإحساس بالمسئولية والرقابة من داخل النفس ومن الضمير" .
والعمل الجاد هو دائماً عمل ناجح ومثمر ، ولا يهدأ حتى يتم ، لا يعترف بالتعب ولا يطلب الراحة .. الجادون فى حياتهم الروحية لا تزحزهم التجارب أو الإغراءات ، ولا ينسون مطلقاً إنهم هياكل الله ، وأن روحه الساكن فيهم . ولا ينسون إنهم أبناء الله ، وأنهم يجب أن يظلوا محتفظين بصورته ومثاله .
كما تظهر الجدية فى كل مظهر من مظاهر حياتهم ، فى كلامهم وفى تصرفاتهم وفى خدمتهم وفى عبادتهم وفى علاقاتهم بالآخرين . وفى موقفهم الحازم من الأفكار ومن المشاعر المحاربة للقلب . أنهم أصحاب مبادىء ولهم التزام تجاه مبادئهم "
ويقول قداسته أيضاً : " إن الجدية فى الحياة الروحية دليل على الرجولة وقوة الشخصية ، فالإنسان الجاد يحترم نفسه . ويحترم مبادئه ، ويحترم الكلمة التى تخرج من فمه ، كما يتميز بالثبات وعدم الزعزعة أو التردد أو الرجوع أحياناً إلى الوراء ، ولا يقبل التأرجح بين الفرقتين . الإنسان الجاد لا يستسلم لعقبة بل يكافح ويصلى ، وأمامه المثاليات ولا يرضى بأنصاف الحلول ، ولا بإجتياز مرحلة من الطريق . بل يكمل بكل نشاط . وبالتالى فهو يتقدم باستمرار وفى صعود مستمر .
طــــــــــــــــــوبـــــــــى لـــهـذا الـــــــشـابــــــــــــــــــ
الملتزم ... الذى إذا وعد أوفى ، وإذا قال فعل .. فهو إذا اتفق مع أحد على موعد يمكن أن تضبط " ساعتك " عليه .. فهو يعرف أن الدقيقة لها قيمتها .. والوقت ثمين .. تراه يعيش حياة الإلتزام الحقيقى مع الله .. لا يتهاون مع الثعالب الصغيرة على كل المستويات .. تراه يلتزم فى كل ما تمتد إليه يديه مهما صادف من متاعب .
طوباك أيها الشاب الذى تعيش حياة الإلتزام والجدية فهما طريقك إلى النجاح الروحى والعملى .