وبعد بحث طويل يجزم ريتشارد إليوت فريدمان بأن الكاتب للأسفار السبعة هو أرميا النبي، وإن لم يكن هو الكاتب فعلى الأقل هو الذي أعد صياغة الأسفار، وقد أستشهد ريتشارد بالأدلة التالية:

أن أرميا عاش أيام يوشيا، وعند موت يوشيا رثاه أرميا (2 أخ 35: 25).

هناك علاقة بين أرميا وحلقيا الذي وجد السفر في أيام يوشيا، فقد أرسل أرميا رسالة للذين في بابل مع حمربا بن حلقيا (أر 29: 1-3) وعندما كتب أرميا وثيقة ضد يهوياقيم بن يوشيا قرأها باروخ أمام حمريا بن شاقان (أر 36: 10) وأنقذ أخيقام بن شاقان أرميا من الرجم (أر 26: 24) وعندما عين نبوخذ نصر جدليا بن أخيقام بن شاقان حاكمًا على يهوذا اهتم جدليا بأرميا النبي (إر 40: 6).

تطرق أرميا في سفره إلى شيلو أربع مرات فيقول الرب "موضعي الذي في شيلو الذي أسكنت فيه أسمى" (أر 7: 12).

طرد سليمان ابياثار الكاهن الكبير إلى عناثوث لأنه شجع أخيه أدونيا، وكان أرميا من عناثوث " كلام أرميا بن حلقيا من الكهنة الذين في عناثوث" (أر 1: 1) وتساءل ريتشارد فريدمان عما إذا كان حلقيا أبو أرميا هو حلقيا الذي وجد السفر أيام يوشيا الملك

أرميا هو النبي الوحيد الذي يذكر قصة ثعبان موسى النحاسي (أر 8: 17).

تطرق أرميا إلى شخصية صموئيل النبي والقاضي الذي من شيلوه، واعتبره مع موسى أبرز شخصيتين في تاريخ إسرائيل (أر 15: 1).

استخدام أرميا بعض العبارات التي وردت في سفر التثنية مثل:

" ويكون إن سمعتم لي سمعًا يقول الرب" (أر 17: 24) تقابل " وأن سمعت سمعًا لصوت" (تث 28: 1).

" اختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم" (أر 4: 4) تقابل " فاختتنوا غرلة قلوبكم" (تث 10: 16).

" ولكل جنود السموات" (أر 8: 2) تقابل " كل جند السماء" (ثت 4: 19، 17: 13).

" يوم أخرجتم من أرض مصر من كور الحديد" (أر 11: 4) تقابل " وأخرجكم من كور الحديد من مصر" (تث 4: 20).

" بكل قلبي وكل نفسي" (أر 3: 41) تقابل " بكل قلبك وكل نفسك" (تث 4: 29، 10: 12،11: 13،13: 4)(2).

تعليق:
وجود علاقة حسنة بين أرميا ويوشيا الملك الصالح وحاشيته لا تعنى أبدًا أن أرميا هو كاتب سفر الملوك وسفر التثنية، فنسبة سفر التثنية لموسى النبي أمر ثابت كما سنرى بعد قليل.

كون أرميا من عناثوث التي ذهب إليها ابياثار رئيس الكهنة، ليس معناه أنه كاتب سفر التثنية، وإنه يتعصب لموسى على حساب هارون ونسله، وإن ولائه لشيلوه وليس للهيكل، لأن لو كان هذا الأمر صحيحًا، فما الداعي لبكائه وحزنه المفرط على خراب أورشليم والهيكل وسبى مملكة يهوذا كما هو واضح تمامًا في مراثيه

عدم ذكر تابوت العهد وبقية المقدسات في سفر التثنية ليس معناه إن موسى لم يكتبه، ولكن لأن هذا السفر يعتبر الخطاب الوداعي لموسى، وقد سبق لموسى أن تكلم عن المقدسات في سفر الخروج، لذلك لم يجد هناك داعيًا للتكرار.

عندما قال أرميا النبي " هانذا مرسل عليكم حيات أفاعي لا ترقى فتلدغكم يقول الرب" (أر 8: 17) لم يكن هذا إشارة لثعبان موسى النحاس، إنما كان بمثابة نبوءة من أرميا عن عقاب الله للعصاة.

بالنسبة للآيات المتشابهة بين سفري أرميا والتثنية... ما المانع أن يكون أرميا قد اقتبس من سفر التثنية الذي كتبه موسى النبي، وكان تحت يده وهل لأنه اقتبس منه يدعو البعض للقول بأنه هو كاتب السفرين! وما معنى الاقتباس إذًا في نظرهم!!