( يا كـل الصـفـوف السـمـائـييـن رتـلوا لإلـهنا بنغــمـات
التسبيح وابتهـجـوا مـعنـا اليـوم فرحيـــن بقيامة السيد
المسيح ….. )



أخذت أردد هذا اللحن وأنا فـي قـمة الـسـرور والـتأثر و
الرهبة ، فأنا شماس في كنــيسة فـي الصعيد ، السـرور
بسبب عيد القيــامة ، فنــحن الآن في قــداس العيد أما
الرهبة فبسبب الذي حدث منذ بضع سويعات قليلة……



فبعد انتهاء ليلة أبـو غلمســيس الجــميلة التـي تشعر و
كأن السماء انتقـلت إلي الأرض أو أن الأرض ارتفــعت
للمــلكوت ، وبعـــد أن صــلينا القداس ذهبت لأستـريح
في البـيت ، أيقـظـني أبونا الأب الكـاهن الذي يخـدم في
كنيستنا قائلا لـي فـي انزعـاج شـديد : هيا بـنا ، فهـناك
حالة وفاة ويجب أن نذهب لعمل الجنازة.



قلت له وأنا منـزعج : ومـن الـذي توفى قـال لي أبونا
في حزن : شـاب فـي ال من عمـره ولم يــكن حـتى
مريـضـا ولكـنـهم اكتشــفوا موته فـجر الـيوم ، وأنـــت
تعرف كــم هو صعـب حــزن أهل الصعيد و لا سيما إنه
طفل صغير.



قمـت وذهـبت مع أبـونا الـذي كـان فــي شـــدة الإرهاق
والتــعب بسـبب عدم نـومه بعد ســهرة أبـو غلـمسـيس
و ذهبنا للــكنيسة ووجـدنا هنـاك الناس في حالة صعبة
للغاية بكاء وعويل وصراخ.



دخل أبونا وكانت دموعه تنساب رغما عنه و أنا أيضا بكيت ، فمنظر الأب والأم كسر قلبي و هما في هذه الحالة من الانهيار والبكاء والعويل.



ابتدأ أبونا في الصلاة على المتوفى وكان من عادة أهل الصعيد أن يفتحوا الصندوق ويصلى على المتوفى والصندوق مفتوح ، أبتدأ أبونا يصلي صلاة الشكر و كنت أصلي معه ، وكان أبونا في منتهى الإرهاق وبسبب ذلك بدلا من أن يصلي أوشية ( صلاة ) الراقدين صلى أوشية المرضى بغير قصد ولا إدراك وفيما هو يصلي قائلا:



( و أيضا فلنسأل ضابط الكل أبا ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر ، اذكر يارب مرضى شعبك ……. تعهدهم بالمراحم و الرأفات ، اشفهم ، انزع عنهم وعنا كل مرض و كل…. )



و إذا بالصبي الميت يتحرك و هو داخل الصندوق !!
لم أصدق عيني ، ظننت أني أحلم ، أقشعر بدني و تجمدت في مكاني أما أبونا فرغم إنه أحس بنفس المشاعر التي أحس بها أكمل الصلاة و….



و زادت حركة الصبي ، فصرخ أبونا: ( إنه حي )
هاجت الدنيا وماجت ونزعوا عنه الأكفان و سرت موجة فرح الحياة و انقشعت أحزان الموت.



لم يكن أبونا من الكهنة المشهورين بقدرتهم على صنع المعجزات ولكن كانت مشيئة الله ، فلقد كان يوم سبت الفرح يوم ما هزم المسيح سلطان الموت ، فكيف ينتصر الموت على أحد أولاده.




إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضا معه ( تي 2: 11)