ما هو الأتضاع


ليس التواضع أن تنزل من علوك أو تتنازل إلى مستوى غيرك .
ليس التواضع أن تشعر أنك على الرغم من عظمتك فإنك تتصاغر أو تخفى هذة العظمة .
فشعورك انك كبير او عظيم فيه شئ من الكبرياء.
وشعورك انك فى علو تنزل منه ليس من التواضع فى شئ وشعرك بأنك تخف عظمتك فيه احساس بالعظمة
إحساس بعظمة تخفيها عن الناس ولكنها واضحة امام عينيك
إن الله هو وحده العالى وهو وحده الذى يتنازل من علوه هو الخالق اما الباقون تراب ورماد

إنما التواضع بالحقيقة كما قال الآباء فهو معرفة الانسان لنفسه.
فتعرف من انت انك من تراب الارض بل التراب اقدم منك
كان قبل ان تكون خلقة الله اولاً ثم خلقك من تراب.
بل انك يا اخى اذا فكرت فى الامر باتضاع تجد ان هذا التراب لم يغضب الله
كما اغضبته انت بخطاياك.

إعرف انك لست فقط تراب بل انت ايضاً خاطئ وضعيف .
على ان تكون هذة المعرفة يقينية بشعور حقيقى غير زائف داخل نفسك
حتى وانت فى عمق قوتك تدرك ان هذة القوة ليست منك بل هى منحة سماوية لك من الله الذى يسند ضعفك
ولو تخلت عنك نعمته لحظة واحدة لكنت تسقط كما سبق لك ان سقطت.

نقول ذلك لان الكثيرين لهم مظهرية الاتضاع بينما قلوبهم فى الداخل ليست متضعة
كثيرون يتحدثون بالفاظ متضعة وهذة الالفاظ تزيدهم علواً فى نظر الناس وهم يعرفون ذلك وربما يريدونه !
وقد يقول الشخص منهم انه خاطئ وضعيف ولكن ان قال له احد انه خاطئ وضعيف يثور ويغضب ولا يحسبه من احبائه بل يتغير قلبه من نحوه ...!

اذن التواضع الحقيقى هو من داخل النفس اولاً
باقتناع قلب لا عن تظاهر او رياء وليس لان هذا هو الثوب الذى ترتديه لتبدو امام الناس باراً
انما لانك تدرك عن نفسك ببراهن وادلة عملية انك خاطئ وضعيف بحسب خبرات حياتك من قبل.
ولا يقتصر الامر على معرفتك لنفسك انك هكذا انما ايضاً تعامل نفسك على حسب ماتعرفه عنها من خطأ ونقص وضعف
تعرف عن نفسك انك خاطئ وتعامل نفسك كخاطئ وإن عاملك الناس كخاطئ تقبل ذلك
ولا تغضب ولا تتذمر ولا ترد بالمثل شاعراً انك تستحق ذلك وان لم يعاملوك بحسب خطاياك بسبب انهم لايعرفونها
فعليك ان تنسحق من الداخل وتشكر الله بقلبك على معاملة انت لاتستحقها منهم ولانه سترك ولم يكشفك لهم .....

إن كان الامر هكذا فالمتواضع لايجرؤ مطلقاً على ان يمدح نفسه
انه لايرى فقط انه خاطئ وضعيف بل انه اكثر الناس خطأً وضعفاً
على الاقل بالنسبة الى الامكانيات التى اتيحت له ولم يستغلها لذلك فهو لايرى مطلقاً انه افضل من احد وان بدا ناه الافضل فى نقطة معينة فهو الاضعف فى نقاط اخرى كثيرة يعرفها عن نفسه ولهذا فهو لايدين احداً.

والانسان المتضع يجب ان يعمل الفضيلة فى الخفاء

وذلك حسبما امر الرب ولذلك لايوافق الاتضاع مطلقاً ان يتحدث احد عما يقوم به من اعمال فاضلة او مايحدث له من رفعة
ان بولس الرسول الذى صعد الى السماء الثالثة وسمع كلمات لايُنطق بها لم يقل ان ذلك قد حدث له
إنما قال " اعرف انساناً فى المسيح يسوع أفى الجسد لست اعلم ام خارج الجسد لست اعلم
الله يعلم .... أُختطف هذا الى السماء الثالثة أُخطتف الى الفردوس وسمع كلمات لاينطق بها" (2كو 2:12-4)

ان الفضيلة فى المتضع مثل كنز مخفى فى حقل
وما أكثر القصص التى يحكيها لنا تاريخ القديسين عن اولئك المتواضعين الذين اخفوا فضائلهم واخفوا معرفتهم بل اخفوا ذواتهم ايضاً وعاشوا مجهولين من الناس ويكفى انهم كانوا معروفين عند الله وكان ينطبق عليهم قول الرب فى سفر النشيد "اختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم" (نش 12:4)
كالقديسة العذراء مريم : كانت كنزاً للرؤى والاستعلانات ومع ذلك ظلت صامتة " تحفظ كل تلك الامور متأملة بها فى قلبها " (لو 51:2)

عن احدى الكتب الروحية الكنسية