براكين الغضب
فتح " أنطوان " عينيه على صوت الشجار المستمر بين أبوه القاسي و أمه التي لا تقل عنه عنفا ، و تشرب الحقد و الكراهية الذي سرعان ما زاد بداخله حتى شمل كل من حوله ، فمن أين يأتي بالحب و هو لم يراه أو يتذوقه فأصبح تلميذا مشاغبا في المدرسة حتى رفض و حاول أبوه أن يعلمه صنعة إلا أنه سرق و ضرب رئيسه و اعتدى على زملائه و أصبح له كل يوم قصة يتباهى بها على تلاميذه من أصدقاء السوء و هم يهللون له و يتخذونه زعيما .
و في ليلة بلغ الضيق بجاره " ماركوس " أشده ، فدخل منزله و أمسك بعنقه مهددا : " إن لم تكف عن ذلك ، فسأبلغ البوليس و ستكون نهايتك في السجن " و تركه .... ثارت ثائرة " أنطوان " و أقسم أن ينتقم من جاره الذي أهانه هكذا و عمل خطة شيطانية بمعاونة أصدقائه و هجم على بيت جاره في منتصف الليل و ضربه ضربا مبرحا و تركه بين حي و ميت و هو يقول له : " دي تصبيره صغيرة علشان تعرف مين هو " أنطوان "
و لكن لسوء حظه إن البوليس قبض عليه و قضت المحكمة بسجنه 3 سنوات ، و في ظلام السجن ملأ الغيظ قلبه أنا الذي تعودت أن أعمل إي شئ أريده ، أنا الزعيم الذي يأمر و ينهي ، أنا الذي أخرج في إي وقت من الليل أو النهار فيرتعب مني الآخرين ، ثم يأتي هذا الصعلوك " ماركوس " و يتسبب في سجني ، سأريه من هو "أنطوان" عندما أخرج من هنا ، من هذا السجن الكئيب . و لكن متى بعد 3 سنوات طويلة كئيبة .
و يوما فيوما تزايدت رغبة الانتقام و الحقد والكراهية داخله حتى لم يستطع النوم ، و أراد إنهاء حياته و لكن كيف و هو لا يملك لا سلاح يقتل به نفسه و لا الشجاعة التي تمكنه من ذلك . طلب " أنطوان " أن يتقابل مع المرشد أو المصلح الاجتماعي الخاص بالسجن ، بعد أن أمتنع عن الطعام عدة أيام . فجئ إليه رجل مسيحي ، دخل إليه بابتسامة و السلام يملأ قلبه و الحب يفيض منه ، لم يعامله بازدراء كمجرم لكنه كلمه عن محبة المسيح له ، استنكر " أنطوان " أن يوجد من يحبه فمنذ ولادته لم يحبه أحد ، فكيف يحبه المسيح إذا كان فعلا يعرف أعماله .
تكلم معه المرشد المسيحي بهدوء و قال له :" إنه وعد أن يستجيب الصلاة إذ كانت حسب مشيئته " ، فيمكنك أن تجرب ، اطلب من الله بحرارة أن يزيل الكراهية و الرغبة في الانتقام من قلبك ، و سأترك لك هذا الإنجيل لكي تقرأ رسالة الله لك .
و في يأس صلى" أنطوان " لأول مرة في حياته : يا إلهي ، هل تستطيع أن تنزع الكراهية من قلبي ، إن كنت تستطيع فتحنن علي ، شعر أنطوان لأول مرة بالسلام يدخل قلبه قليلا حتى هدا و نام .
و في الصباح فتح الإنجيل و تعجب عندما قرأ قصة السامرية و المرأة الزانية و ظل يقرأ كل يوم بنهم شديد ، فقرأ قصة زكا و كيف دخل بيته السيد المسيح ، و عندما وصل لقصة اللص اليمين ، خفق قلبه ، كيف يمكن أن يدخل الفردوس و ركع و صلى بحرارة و طلب من الله أن يقبله مثله .
و مرت الثلاث سنوات و خرج " أنطوان " من السجن فرحا متهللا ، و في ثاني يوم من خروجه ، كان يتمشى و إذ به يجد " ماركوس " أمامه على بعد خطوات ، و ما أن وقعت عينا " ماركوس " عليه حتى اصفر وجهه من الرعب و الفزع ، و في نفس الوقت تصاعدت براكين الغضب داخل " أنطوان " فها هو عدوه اللدود الذي كان السبب في سجنه و ...... و لكنه تذكر إلهه الذي غفر للذين صلبوه ، فصرخ من أعماقه : " يارب ، أنقذني من نفسي و لا تتركني " .
أما " ماركوس " فكانت ضربات قلبه تتزايد بسرعة رهيبة كلما اقترب منه " أنطوان " ، و ما أن تقابلا حتى فتح " أنطوان " أحضانه لجاره " ماركوس " و هو يقول له : لا تخف ، فأنا سامحتك كما سامحني المسيح .
إن كنت مغلوبا يا صديقي من إي خطية أو فكر أو طبع ، فهو يستطيع أن يغيرك إن صليت بحرارة و طلبت منه في الصلاة .
+ و كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه ( مت 21 : 22 )