ما هي الأدلة الدامغة على ضلال مدرسة الإلحاديّين



ج: كثيرة هي الأدلة الدامغة على ضلال الإلحاد ومدرسته، فالكون يشهد بوجود الله، وكذلك الإنسان في تكوينه، والمادة ليست أزلية، ووجود الحياة والموت والعقل والضمير والخيال والعواطف يكذّب أن الإنسان مجرد مجموعة مواد لا غير، وعدم إدراك الله بالحواس لا يعنى عدم وجوده، بل إن هناك شعورًا خفيًا بوجود الله، ووجود الله لا يلغى وجود ولا كرامة الإنسان، أما الكتاب المقدَّس فهو كتاب الله المُوحى به من أجل حياة أفضل للإنسان والذين يؤمنون به تؤيدهم السماء بالمعجزات. فهم أعظم شاهد عملي لوجود الله:

أ- الكون يشهد بوجود الله
ب- تكوين الإنسان يشهد بوجود الله
ج- المادة ليست أزلية
د- كيف تفسر الحياة والموت والعقل والضمير والخيال والغرائز والعواطف وما بعد الموت
ه- عدم إدراك الله بالحواس لا يعني عدم وجوده
و- الشعور الداخلى بوجود الله
ز- وجود الله لا يلغى وجود ولا كرامة الإنسان
ح- الكتاب المقدس
ط- وصايا الإنجيل
ى- صلابة الإيمان

أ- الكون يشهد بوجود الله:
لكل صنعة صانع، ولكل جبلة جابل، ولكل خلقة خالق، ولكل متحرّك مُحرّك، ولكل معلول علة، فمن هو خالق هذا الكون العجيب بهذه الدقة المتناهية وقال أفلاطون "إن كل حادث له سبب أحدثه ولا يُعقَل حدوث شيء بلا سبب، ومن المعلوم بالضرورة أن العالم (المحسوس) حادث... وكل ما هو محسوس يمكن إدراكه بواسطة الحواس فهو حادث ومصنوع، أما الذي أحدث هذا العالم فلابد أن يكون كائناَّ عالي العظمة فائق الَجبروت سامي الحكمة... ذا قوة لا تضعف وإرادة مطلقة وحكمة لا تستقصى"(1)، وإن كان لكل متحرّك مُحرّك، فعند تتبع الحركة لن نصل إلى ما لا نهاية، إنما سنتوقف عند مُحرّك أو ثابت لا يحركه أحد، وهذا هو الله، وإن كان لكل معلول علة، فعند تتبع التسلسل لن نصل إلى ما لا نهاية، إنما سنتوقف عند العلة الأولى، والعلة الأولى هي الله.

وإن كان من المستحيل أن نجد عمارة ضخمة وليدة الصدفة، لأنه لا بد من وجود مهندس قام بالتصميم، وآخر قام بالإشراف على التنفيذ، مع عدد ليس بقليل من العمال المهرة ذوي التخصصات المختلفة قد قاموا بأعمال الأساسات، والخرسانات، والمباني، والكهرباء، والسباكة، والسيراميك، والنجارة، والطلاء، والديكورات، والتأثيث... إلخ.، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وأيضًا من المستحيل أن ترى طائرة تسبح في الهواء فنقول أنها وليدة الصدفة، وإن كنا من الممكن أن نتعرف على الفنان من خلال أعماله الفنية، فهكذا ندرك بسهولة ويسر وجود الله من خلال مخلوقاته، فالطبيعة الخلابة والكون الفسيح والفضاء الشاسع ونظامه العجيب في الربط بين الشموس والكواكب والنجوم، مع العدد الضخم من المجرات... كل هذا ألا يخبرنا عن الله الخالق ضابط الكل..!! حقًا قال الكتاب لمن يعقلون وليس لمن طمس الشيطان بصيرتهم "السموات تحدث بمجد الله. والفلك يخبر بعمل يديه" (مز 19: 1). ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم "لو كان الله أعلمنا ذاته من خلال كتب وحروف فقط، لصار الذين يعرفونه هم المثقفون فقط، ولكنه أعلمنا ذاته من خلال الطبيعة أيضًا، ليعرفه الجميع"(2). وقال أحد الفلاسفة إن الكون هو كتاب اللاهوت الذي قرأه الفلاسفة فكان لهم إنجيلًا، وهو مرآة الله التي نظروا بها صورته الجميلة(31). ولذلك كان الآباء يُدرّسون علم الفلك في الكليات اللاهوتية، لأنه دليل قوي على وجود الخالق ضابط الكل.

حقًا إن الكون العجيب الذي نعيش فيه يخبرنا بدقة عن وجود الله، فالأرض التي تدور حول محورها بسرعة 1000 ميل/ ساعة لو انخفضت سرعتها إلى 100 ميل/ ساعة لأصبح الليل والنهار عشرة أضعاف، أي لصار النهار 240 ساعة وكذلك الليل، ويترتب على هذا احتراق النباتات التي تتعرض للشمس طوال هذا الوقت، وتجمد الكائنات التي تجوز هذا الليل الطويل. أما لو اقتربت الشمس التي تصل حرارتها إلى 12000 درجة إلى الأرض أكثر من هذا لاحترقت كل الخلائق التي تدب على الأرض والنباتات وتلاشت الحياة تمامًا، ولو بعدت الشمس عن الأرض أكثر من هذا لغطى الجليد سطح الأرض ولاستحالت الحياة. وإذا اقترب القمر منا حتى صارت المسافة 50 ألف ميل لغرقت أرضنا مرتين كل يوم بفعل المد والجذر، ولو انحرفت الأرض والقمر عن الشمس لأدى ذلك لارتفاع درجات الحرارة حتى إن جزءًا من الأرض قد يحترق، وآخر يغرق، وثالث يتجمد، ولو إن المحيطات كانت أعمق من مستواها الحالي لامتصت ثاني أكسيد الكربون والأكسجين، وهلم جرا... أليس هذا دليل فيه الكفاية على وجود مهندس الكون الأعظم!

ويقول نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي "نظرة أخرى إلى النجوم والكواكب والأقمار بل وإلى المجرات في السماء والتي تجمع ملايين الملايين من النجوم في كون مهول جبار... من الصانع لهذا كله..! وهل يمكن لعقل بشري أن يتصوَّر أن هذا صنع نفسه من غير صانع.. أو قد صنعته الصدفة العمياء هل يمكن لعقل أن يتصوَّر شيئًا من هذا القبيل ولو كان حلمًا من أحلام الخيال. لقد صدق القديس أغسطينوس إذ قال في اعترافاته "سألتُ الأرض فقالت لي: لستُ إلهك، وكذلك أجابني كل حي على سطحها، سألت البحر وأغواره والكائنات الحيَّة التي تسرح فيه وتمرح، فأجابتني: لسنا نحن إلهك، فاسأل عنه ما فوقنا، وسألتُ الرياح العاتية... سألتُ السماء والشمس والقمر والنجوم فأجابت كلها: لسنا نحن أيضًا الإله الذي تبحث عنه. إذ ذاك قلتُ للكائنات كلها التي تحيط بأبواب حواسي: حدثيني عن إلهي طالما لستِ إلهي. قولي لي شيئًا عنه، فهتفت جميعها بصوت عالٍ: هو الذي خلقنا"(3).

وعندما قال "جاجارين " أول عالم فضاء روسي هبط على سطح القمر إنني جلت في الفضاء بحثًا عن الله فلم أجده، في الحقيقة هو لم يعمل فكره، بينما عالم الفضاء الأمريكي "نل هارمسترونج" أول رائد فضاء هبط على سطح القمر قال لقد رأيت الله من خلال مصنوعاته، وكان العالم الشهير "نيوتن " يسير حاسر الرأس، وعندما سألوه عن السبب قال: إجلالًا وتوقيرًا لخالق الطبيعة... حقًا قال أيوب الصديق في القديم "فاسأل البهائم فتعلمك وطيور السماء فتخبرك. أو كلّم الأرض فتعلمك ويحدثك سمك البحر. من لا يعلم من كل هؤلاء أن يد الرب صنعت هذا!! الذي بيده نفس كل حي وروح كل بشر" (أي 12: 7- 10). وقال معلمنا بولس الرسول "لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مُدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى إنهم بلا عذر. لأنهم لما عرفوا الله لم يمجّدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم واظلم قلبهم الغبيُّ. وبينما هم يزعمون إنهم حكماء صاروا جهلاء" (رو 1: 20- 22).

وقال إسحق نيوتن "إني رأيت الله في أعمال ونواميس الطبيعة التي تؤكد وجود حكمة وقوة لا تختلط بالمادة"(4). كما قال أيضًا "لا تشكُّوا في الخالق، فإنه مما لا يُعقل أن تكون الضرورة وحدها هي قاعدة الوجود. لأن ضرورة عمياء متجانسة في كل مكان وزمان، لا يُعقل أن يصدر عنها هذا التنوع في الكائنات ولا في الوجود كله، بما فيه من ترتيب أجزاءه وتناسبها مع تغييرات الأزمنة والأمكنة. بل إن كل هذا لا يُعقل إن كان لا يصدر إلاّ من كائن لما له من حكمة وإرادة"(5).

والعالم الأمريكي "إديسون " Edison (1847- 1931م) الذي اخترع المصباح الكهربائي عندما زار المهندس الفرنسي "إيفل" Eiffel الذي صمم برج إيفل بباريس كتب في السجل الذهبي يقول "إلى السيد إيفل، من إديسون الذي يكن أعمق احترام وإعجاب للمهندسين جميعًا، وعلى رأسهم المهندس الأعظم (الله)"(6).

والعالم الإيطالي "ماركوني" Marconi (1874- 1937م) مخترع اللاسلكي يقول "إن كل رجل علم يعلم تمامًا أن هناك أسرارًا لا تقبل الحل، والإيمان بوجود كائن أسمى يقف منه موقف الطاعة والاحترام، إنما هو وحده الذي يحفزنا إلى دراسة أسرار الحياة بقوة وشجاعة"(7).

والعالم الألماني "أينشتين " Einstein (1879- 1955م) الذي وضع نظرية النسبية ونظرية المغناطيسية الكهربائية قال "إن العقل البشري مهما بلغ من عظيم التدريب وسمو التفكير عاجز عن الإحاطة بالكون، فنحن أشبه الأشياء بطفل دخل مكتبة كبيرة ارتفعت كتبها حتى السقف، فغطت جدرانها. وهي مكتوبة بلغات كثيرة، فالطفل يعلم أنه لا بد أن يكون هناك شخص قد كتب تلك الكتب، ولكنه لا يعرف من كتبها، ولا كيف كانت كتابته لها، وهو لا يفهم اللغات التي كُتبت بها. ثم إن الطفل يلاحظ أن هناك طريقة معينة في ترتيب الكتب ونظامًا خفيًا لا يدركه هو، ولكنه يعلم بوجود علمًا مبهمًا، وهذا على ما أرى موقف العقل الإنساني من الله مهما بلغ ذلك العقل من السمو والعظمة والتثقيف العالي"(8).

والعالم الإنجليزي "أدينجتون" Eddington الذي درس أحوال النجوم قال "إنني لأعلم حق العلم إن الله موجود، كما أعلم تمامًا إن أصدقائي موجودون. فلست بحاجة إلى إثبات وجوده بقدر ما أنا في غير حاجة إلى إثبات وجودهم"(9).

وعالم الحيوان "فابر " Fabre قال "إن ثمة عقلًا لا متناهيًا يحكم العالم، وكلما أمعنت النظر، استطعت أن أبصر ذلك العقل الذي يشع خلف أسرار الأشياء. إنني أعلم أن البعض قد يجد في هذا القول مدعاة للسخرية، ولكن هذا لا يعنيني في كثير أو قليل... لن تستطيعوا أن تنزعوا من عقلي إيماني بالله، استغفر الله، فإنني لا أؤمن بالله بل أنا أراه"(10).

وكان المسيحيون في رومانيا الشيوعية يتحدثون عن وجود الله بطريقة بسيطة فيقولون "لنفرض أنك دُعيت إلى وليمة تحتوي على جميع أنواع الأطعمة اللذيذة، فهل تصدق أنه لم يوجد أي طاه لهذه الأطعمة فالطبيعة هي وليمة هُيئت لأجلنا... فمن هو الذي هيأ كل هذه الأشياء للناس فالطبيعة عمياء، وإن كنت لا تؤمن بوجود الله، فكيف نستطيع إذًا أن تفسر أن الطبيعة العمياء قد نجحت في تهيئة جميع ما نحتاجه نحن من هذه الأشياء المتعددة المتنوعة"(11). وفي إحدى المرات مرّ أحد المسيحيين مع شخص ملحد على الطبيعة الخلابة من نهر وأشجار وحيوانات، فسأل المسيحي: من خلق كل هذا

الملحد: لا تضايقني بحديثك السخيف عن الله... إنها وليدة الصدفة.

وبعد عدة أيام زار الأخ الملحد صديقه المسيحي، وإذ رأى لوحة فنية أعجبته سأل: من رسم هذا اللوحة

المسيحي: أتريد أن تدخلني في حديث ديني سخيف... إنها وليدة الصدفة، فالصدفة هي التي جاءت باللوحة وأسستها بالبطانة، وأحضرت مواد التلوين، ورسمتها، وأيضًا وضعتها على الجدار.

فتضايق الملحد، فقال له صديقه المسيحي: إن كنت تعتقد أن الطبيعة الخلابة التي تفوق هذا "التابلوه" آلاف المرات هي وليدة الصدفة، فلماذا لا تصدق أن تكون هذا اللوحة أيضًا وليدة الصدفة..! حقًا صدق أفلاطون عندما قال "إن العالم آية فنية غاية في الجمال ولا يمكن أن يكون ما فيه من نظام نتيجة الصدفة. بل لا بد من وجود عقل كامل ومهندس أزلي صنع كل شيء ورتبه بقصد"(12).

ب- تكوين الإنسان يشهد بوجود الله:
الإنسان هو عالم صغير، وأجهزة الجسم تشهد بقوة على وجود خالق قدير قوي حكيم عظيم، ولذلك فإن علم التشريح يعطي فرصة للإنسان للتلامس مع مقدرة الله وحكمته وقال أحد الفلاسفة "كلما تقدم علم التشريح إزداد الإنسان إيمانًا بالله"(13). وأفقر إنسان في الوجود يمتلك نحو 45 مليونًا من الدولارات الأمريكية، هي قيمة أعضاء جسده التي وهبها الله له. بل إن إبهام اليد يشهد بوجود الخالق وعظمته، فبصمة الإنسان التي تختلف عن بصمات الملايين من البشر تحدثنا عن قدرة الله الغير محدودة.

ويقول نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي "لو أنه (الإنسان) تأمل ذاته، ونظر إلى أي عضو من أعضاء جسده، ونظر إلى تركيبه وعمله ووظيفته لهاله الأمر، وأدركه الذهول من روعة التركيب وحكمته. أنظر إلى عين الإنسان وتركيبها من مقلة تحميها، ومن قزحية وقرنية وعدسة وشبكية وعصب بصري... إلى غير ذلك من أجزاء وجزيئات وما بها من أهداب وشعيرات وشرايين وأوردة فضلًا عن العضلات والأنسجة والغدد... ولكل جزء منها وظيفة وعمل واختصاص، وتتعاون كلها ويكمل بعضها عمل بعض بصورة عجيبة...

وما نقوله عن العين نقوله عن القلب، هذا العضو العجيب الذي يعمل بلا توقف ليلًا ونهارًا، وينبض سبعين مرة في الدقيقة الواحدة، ولا يستريح لحظة واحدة عن العمل المتواصل... أرني آلة صنعها الإنسان يمكن أن تعمل بلا توقف وبلا راحة كما يعمل القلب، وهو يحمل عبء الجسم كله... ولا يقتصر عمله على بيولوجيا الجسم بل إنه أيضًا مركز العواطف من حب وكراهية، ومركز الانفعالات السارة والحزينة من فرح إلى حزن وهم إلى خوف وخجل وحماس ويأس... وما قلناه عن العين والقلب نقوله عن المخ، هذا العضو العجيب حقًا الذي يتقبل إشارات

ويرسل إشارات غيرها، يستقبل ويصدر، ويحكم جميع أجهزة الجسم وعلى رأسها الجهاز العصبي... ثم هو يتقبل المعارف والخبرات ويرتبها ويصنفها ويحتجزها للانتفاع بها في مستقبل الأيام. فكيف يختزن المعرفة على تنوعها في كافة ميادين العلم وتشعباته وفروعه! وكيف يحتفظ باللغات ومفرداتها وقواعدها وأساليبها.. وكيف لا تختلط هذه المعلومات ببعضها وكيف يخرجها عند الاقتضاء واضحة متميزة مستقلة عن بعضها وكيف مع ذلك يمكنه أن يقارن بينها ويوازن بينها ويوفق بينها ويعارض بينها وينقدها ويفحصها ويحكم على صدقها أو على زيفها فكيف عند اللزوم يجمع بينها حين يحاضر أو يتحدث أو يكتب كتابًا أو يحرر مقالًا أو بحثًا مستعينًا بها كما يشاء مثله في ذلك مثل الطباخ الذي يجمع ما يلزمه من مواد مختلفة ليصنع من مجموعها معًا، وبمقاييس مضبوطة، طبخة شهية! ما هذه الآلة العجيبة التي تسمى المخ ومنْ من العلماء يمكنه أن يصنع مثلها أو يركِّب نظيرها

فإذا قالوا لقد صنع الإنسان العقل الإلكتروني، قلنا أولًا إن العقل الإلكتروني ليس على نظير المخ البشري أنه آلة حاسبة تعمل بشرط أن تقدم لها مادة أو مجموعة مواد... ثم هذا الحاسب الإلكتروني لم يصنع نفسه، وإنما صنعه صانع وهو الإنسان. وهذا دليل على أنه حتى الحاسب الإلكتروني لا بد أن يكون له صانع عقل، فكم وكم يجب أن يكون للمخ البشري صانع، والمخ البشري معجزة لا يُقاس بإزائها الحاسب الإلكتروني...

زد على ذلك سر الحياة نفسها وسر النمو والتكيف والتغذية وتمثيل الغذاء واحتراقه... وبالإجمال كل شيء في الإنسان جسمًا ونفسًا وعقلًا وروحًا ينطق بأدلة صارخة على وجود الله... وإذا قلنا هذا عن الإنسان فنقول مثله بالنسبة للحيوان، خذ مثلًا البيضة المُلَقحة التي يخرج منها بعد قليل كتكوت صغير يتحرك بالحياة وينبض بالوجود. كيف لبيضة بها صفار وبياض يخرج منها كائن حي هو الكتكوت له عينان وأذنان وجناحان ورجلان ومنقار وعضلات وغضاريف وغدد، وله معدة وكبد وأمعاء، وله جهاز عصبي وغيره عضلي وغدّي ودموي وتنفسي وبولي وتناسلي.. وكيف له ريش متنوع وملون بحسب صنفه وجنسه ونوعه تبعًا لقوانين الوراثة وقوانين البيئة هل لو اجتمع كل المهندسين في العالم وكل الرسامين وكل الأطباء بتخصصاتهم وكل الكيميائيين وكل الصنَّاع وكل علماء الجمال وكل أصحاب الحرف والمهن والزخرفة... لو اجتمع هؤلاء جميعًا، هل ينجحون في صنع كتكوت حي واحد كهذا الذي تخرجه الطبيعة في كل يوم بالعشرات والمئات والآلاف والملايين!"(14).