قال البعض أنه ورد في أسفار أرميا وإشعياء وعاموس وميخا أن الله لم يوص الشعب عند خروجه من أرض مصر بالذبائح التي حواها سفر اللاويين واستشهدوا ببعض الشواهد


6- الله لم يوصى بالذبائح في الخروج من مصر:
س34: قال البعض أنه ورد في أسفار أرميا وإشعياء وعاموس وميخا أن الله لم يوص الشعب عند خروجه من أرض مصر بالذبائح التي حواها سفر اللاويين واستشهدوا بما يأتي:

قول أرميا النبي "لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة... بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلًا أسمعوا صوتي فأكون لكم إلهًا وأنتم تكونون لي شعبًا" (أر 7: 22،23).

قول إشعياء النبي "لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب. اتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات. وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أسر. حينما تأتون لتطهروا أمامي من طلب هذا من أيديكم" (أش 1: 11-15).

قول عاموس النبي "إني إذا قدمتم لي محرقات وتقدماتكم لا أرتضى وذبائح السلامة من مسمناتكم لا ألتفت إليها... هل قدمتم لي ذبائح وتقدمات في البرية أربعون سنة يا بيت إسرائيل" (عا 5: 21-25).

وقول ميخا النبي "هل يسر الرب بألوف الكباش بربوات أنهار زيت هل أعطى بكرى عن معصيتي ثمرة جسدي عن خطية نفسي. هل أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعًا مع إلهك" (مى 6: 7، 8).. فهل معنى هذا إن سفر اللاويين كتب بعد هذه الأسفار، وبالتالي فإن الكاتب شخص آخر غير موسى النبي



ج: الحقيقة أنه ليس المقصود من الآيات السابقة أن الله لم يوص بني إسرائيل بتقديم الذبائح، ولا يفهم منها أن سفر اللاويين لم يكتب بيد موسى وذلك للأسباب الآتية:

أ - طقس تقديم الذبائح كان معروفًا قبل تدوين أي شريعة، فمنذ آدم وطقس الذبائح معمول به، وقبل أن يخرج الله شعبه من أرض مصر أوصاهم بعمل ذبيحة الفصح.



ب- لقد ظن اليهود أنهم سيرضون الله بذبائحهم بغض النظر عن سلوكياتهم، فراحوا يقدمون ذبائح للأوثان وهم يقدمون ذبائح لله " ذبحوا لأوثان ليست الله" (تث 32: 17) وهذا ما أوضحه الله على فم أرميا النبي قائلًا " فلم يسمعوا ولم يميلوا آذانهم بل ساروا في مشورات وعناد قلبهم الشرير وأعطوا القفا لا الوجه" (ار 7: 24) فسقوط اليهود في العبادات الوثنية أغضب الله فرفض ذبائحهم.



ج- لأن اليهود ظلوا يمارسون الطقوس بلا روح وبلا معنى، وبسلوكهم الرديء قد أغضبوا الله القدوس، لذلك عاتبهم الله على أفواه أنبيائهم على سلوكهم الرديء، ولذلك صمت الأنبياء عن ذكر الجوانب الطقسية، ولكن أعابوا على الشعب السلوك الشرير.



د- كل ذبائح العهد القديم ما هي إلا رمزًا لذبيحة المسيا، وما دامت هذه الذبائح قد خرجت عن الإطار الذي رسمه الله لها، وصارت تقدم بأيدي دنسة متمسكة بالشر وغير تائبة عن الإثم، لذلك يحسب الله نفسه كأنه لم يوص بها لتقدم بهذا الشكل السيء.



ه- إن قال البعض أن الأنبياء اقتبسوا من سفر التثنية دون اللاويين، فهذه مغالطة لأن عاموس مثلا أشار إلى سفر اللاويين في عدة مواضع (عا 4: 4، 5، 5: 21، 9: 4).



و- عندما قال الله على لسان عاموس " هل قدمتم لي ذبائح وتقدمات في البرية أربعين سنة يا بيت إسرائيل " كان مجرد تساؤل بهدف معين وليس نفى، فلم يقل " أنكم لم تقدموا لي ذبائح وتقدمات... "فكان الأنبياء ينظرون إلى فترة البرية التي عاشها بنو إسرائيل وكان الله يعولهم بطريقة معجزية على أنها فترة مثالية، ومع ذلك فإن الله تغاضى عن إهمالهم في تقديم الذبائح ربما بسبب تجوالهم في البرية، فلم يقدموا ذبيحة الفصح من السنة الثانية بعد الخروج حتى دخول أرض كنعان، وكأن تركيز الله بالأكثر على الوصايا الأدبية، ولذلك قال " من حفظ الشريعة فقد قدم ذبائح كثيرة. من رعى الوصايا فقد ذبح ذبيحة الخلاص. ومن أقلع عن الإثم فقد ذبح ذبيحة الخطيئة وكفر ذنوبه. من قدم السميذ فقد وفي بالشكر ومن تصدق فقد ذبح ذبيحة الحمد. مرضاة الرب الإقلاع عن الشر" (ابن سيراخ 35: 1-5).