كان يومي شاقا جدا ... يوما مليئا بالمصاعب و المشاحنات و المصاعب فقد قاسيت في حياتي أكثر مما اعتادت يداي ...

عدت إلي منزلي و لم أبحث عن أي شيء غير أن أستريح و ما أن ارتميت علي سريري حتى انعقدت المحكمة

النيابة:

يا سيادة القاضي لست أنا هنا لكي ألقي بشكواي علي هذا الشخص الفاسد انما أنا هنا لكي أصرخ بصوت جهوري و أذكر سيادتكم بالقانون الذي نطقت به شفتاك و سنته يداك

أن هذا الشخص ليس متهم أنما هو مجرم فقد فتح طريقا بين اذنيه وسمح لصوت عدو دولتنا ان يتردد بين مسامعه ، كما أنه تعامل معه بشكل مباشر ووافقه في أراء كثيرة و الاكثر من هذا سيدي انه كذب كلام حاكمنا الذي هو انت

انه سلم له احدي جواهر مدينتنا و التي هي حريته كما أنه خرج عن طوع القانون الذي نطقت به شفتاك حينما قبل مشورته لذلك يا سيادة القاضي أنا هنا لكي أطالب باقصي عقوبة ممكنة وهي الموت لهذا الشخص الفاسد



استمعت الي كلام النائب باهتمام شديد وحاولت كثيرا أن أجد لنفسي مخرجا أو أي مفر من تلك التهم ولكن عبثا فقد كان محقا في كل التهم المجهه اليّ

فقد جلست مع ذلك الكائن و تشاورت معه عن أسرار دولتنا العزيزة كما أني لم أرفض عقوده السخية و لم أتحقق حتي من صحتها كما أني لم أفكر و لو للحظة واحدة في الابلاغ عنه و لكني سلمته أذناي

وبينما أنا أفكر و اذ بالقاضي يعلن قضاء عدله بصوت جهوري :

حكمت أنا الحاكم في هذه المدينه و كل المدن ... الكائن علي كرسي القضاء وصاحب الامر و القول بأن هذا الشخص مجرم في حقي و انه اهان كل احساناتي اليه ولم يفكر في من أحبه الذي هو انا لذلك فقد كان الحكم بالموت

وبينما القاضي ينطق بحكمه لم أحتمل أن أستمع الي الحكم فصرت أبكي و أبكي و أتنهد بل و أتعهد باني لم و لن أفعلها ثانيا بكيت ثم بكيت حتي أني قطعت عهودا لا رجعة فيها ولكن شيئا من هذا لم يكن لينفع فانا خاطئ ومذنب في حق الملك وهو صاحب القرار الذي لا رجعة فيه .... شرد فكري بعيدا عن ساحة القضاء وتركت كل الخليقة من حولي تفكر وتتحاور في قضيتي التي أصبحت نقاشا للرأي العام و صرت أتصور نفسي و أنا بين يدي الموت ، لم أكن أدرك وسيلته .... تصورت نفسي تارة ورأسي علي حد السيف وتارة أخري و أنا علي فراش الموت وتارة و أنا بين أنياب المرض. ولكن النهاية كانت واحدة وهي الموت

لم أفق من ذهولي و إلا باثنين من الحراث يضعون أيديهم علي أكتافي و أنا أقاوم و اصرخ بصوت عظيم لا لا الرحمة

جروني خارج المحكمة كانوا يتجهون بي الي مكان لسته أعرفه فأني مواطن شريف و لست أدري سبل العقاب في الدولة وربما كنت أنا أول من أخطأ فيها ......

وضعوا في يداي أساور اللصوص أستعدادا للعقاب وجروني الي حيث عمود قصير من الرخام في ساحة ليست بواسعة في وسطها مجموعة من الجنود وحولها جمهور ضخم وكبير جائوا لينظروا عقابي ولكن كان هناك اّخر لم أستطع أن أعرفه لأنه قد أعطي لي ظهره وقيد من يداه في هذا العمود الصغير وجس علي ركبتيه و أحاط به الجنود و بأيديهم أبشع الات الجلد وصاروا يسقطون بها فوق ظهره دون شفقه حتي أن لحمه وجلد قد بليا ..... صرت أبكي و أبكي ليس حزنا عليه أو شفقة به ولكن لأني أدركت ما هو سبيل العقاب ومع كل جلدة فوق ظهره كنت أتخيل الدماء وهي تسيل فوق ظهري حينما يحين دوري بعده .


وبعدما أنتهي الحراس من جلده وقد حان دوري الان و جدت الحراس يجروني بعيدا عن هذه الساحة .. لم أكن أدري لماذا و لكني تخيلت أنه أن الحراس شفقوا عليا فتركوا العقاب عني لذلك صرت أمشي معهم في هدوء و سألتهم الي أين نحن ذاهبون فلم يجيبوا عليا فأعدت السؤال فلم يجيبوا وبينما نحن سائرون و اذ بالجموع تسير الي جوارنا وتسبقنا علي بعد خطوات وهم ممسكين بنفس الشخص المجلود وهو يحمل قطعة خشبية وهو يعاني جدا من فرط الألم و الحزن

لم أكن أدري ما الذي كان سيفعله بها ولكني سمعت أثنين من الشيوخ وكان لهما من الهيبة و الوقار قدر شديد يتحدثان :- نعم لابد أن يصلب و يموت فهو مجرم وجدف علي الله.

وهنا ادركت الي اين يأخذنب الحراس انهم سيذهبون بي الي حيث اموت فهذا عقاب من يخطئ في حق الحاكم .

وهنا تسمرت قدماي في الارض ورفضت الحركة فصاروا يجرونني و أنا أصرخ و أتشبس بكل ما تمسك بيه يداي

وبينما الجمهور الي جوارنا لمحت عيناي وجه المجرم ولكني لم استطع ان اتبين ملامحه فقد لطخت الدماء كل وجهه .... الا أنني احسست اني اعرف ذلك الشخص و هو شخص مألوف لي . صارت الجموع ونحن من خلفهم الي أن وصلنا الي موضع يسمي الجمجمة فقد سمت أسمه من أحد الشيوخ وهو يقول أن هذا هو مكان صلب المجرمين وقد وقف الي جوارهما أحد الجنود يشرح لهم طريقة الموت وهي الصلب حيث يسمر المجرم علي

خشبة و......

وهنا تخيلت ساقا من الحديد وهي تمر بين يدي وتخترقها و أخري تمر بين قدماي و أنا معلق فوق خشبة و الدماء تسيل مني

تخيلت اني سأحمل ألما لست ادرك مداه ولكن شيئا من هذا لم يحدث ....

فقد أحضر ليا الحارسان كرسيا لأجلس عليه كي أشاهد ذلك الشخص وهو يصلب ويموت كان هناك أيضا ولكن هذه المرة لم يجلدوه انما صاروه يتناوبون لطمة و أهانته وتمزيق سيابه الي أن دقوا بين يديه المسامير دون رحمة حاولت مرارا أن أري وجهه ولكن لم أستطع فقد وضعوا علي رأسه غطاء من الشوك فتح بها جروح دامية كثيرة

وبعد أن أنتهي الجنود من دق مساميره صاروا يدقون فوق صليبه عبارة غريبة تدل علي أنه ملك وهنا صار الشيخان جدا وطالبوا برفع هذه العبارة عنه لكنني أنشغلت بشيئ أخر وهو أن أتذكر من هو هذا الشخص

وها قد حانت ليا الفرصة فقد رفعوا صليبه في الهواء وهو أرسي رأسه لأسفل فرأيت وجهه جيدا ولم أصدق نفسي أذ كان هو القاضي الذي نطق بمرسوم حكم موتي.

ظل معي الحراس الي أن قال القضي قد أكمل ونكس رأسه و أسلم الروح

وهما وجدت الحراس يجثون من حولي و ينوحون بصوت عظيم ويصرخون لست أدري هل كانوا يصرخون من الحزن أم من الفرح.

الا أنهم تركوني وصاروا يبكون فكرت مليا في الهرب ولكن نفسي كانت حزينة جدا كما أن الارض من حولي تزلزلت و الشمس أختفت و النور أصبح ظلمة فقدت تركيزي وصرت أبكي و أنوح وسقطت علي وجهي وصرت بين التراب ولكني وجدت أيادي الحراس وهي فوق كتفاي ترفعني لكي أقف لم أجد نفسي في موقع الصلب أنما وجدت نفسي في قاعة القضاء و القاضي يجلس أمامي علي كرسيه و النائب كما هو الا أن شخص أخر دخل الي القاعة من خلفي وصار يصرخ من خلفي يا سيادة القاضي :

أنا هنا كي أدفع عن هذا الشخص الفاسد أنا هنا عوضا عنه أنا هنا كي أموت عنه . لم أستطع أن أنظر الي الخلف لأري من هذا الشخص فقد تسمرت قدماي في الارض من تتابع الاحداث و رهبتها

الا أن هذا الشخص تقدم اليا ونظر اليا بين عيناي وقال : " أنا هو الطريق و الحق و الحياه..." لم أحتمل من الذهول فقد كان هو المصلوب الذي هو القاضي الذي حكم عليا الذي هو امامي فجلست أرضا لست أدرك شيئا الا أني سمعت صوت النائب وهو يقول: حسنا جدا أن يتم عدل الرب و رحمته علي أن يموت هذا الشخص مع المصلوب ويحيا معه الي الابد من جديد.

أفقت من علي سريري رغم تعبي وتذكرت أهنات رؤاسائي (فأغمضت عيناني و رشمت نفسي بعلامة الصليب وتذكرت ما حدث للمصلوب و أذ بكل شيء ينطفأ)