الإنجيل الذهبى




تعجب الوالي جدا عندما سأل ابنه الشاب الصغير عـن الهديـة التي يرغـب فيها ، فقــال له يوحنا ابنه : أريد إنجيلا يا أبي ولما كان والده والي رومية فـي القـرن الخـامس الميلادي ، فقد طلب من أحد النساخ أن ينسخ له الإنجيل ( يكتبه بخط اليد ) ثم أخذه الوالي و غلفه بالذهب الخالص و أهداه لابنه ، فكان يقرأ فيه ليلا ونهارا حتى كاد أن يحفظه ويجاهد لتنفيذ كل كلمة جاءت فيه واشتاق يوحنا أن يترك العالم ويذهب للدير.

فتوجه سرا لأحد الأديرة ولكن رئـيس الـدير قال له: أنت ابـن العـز ، ابـن والــي رومــا ، لا تــقدر علــى معيشة الدير و الأصوام والسهر والتقشف ولكن يوحنا ألح عليه بشدة أن يختبره ، فصلى كثيرا وبعد فترة الاختبار تمت رسامته راهبا وكان محبا للكنيسة و القداسات و الأصوام و الصلوات كما كان وديعا ومتواضعا للغاية وبعد 7 سنوات توحد في مغارة في الجبل حيث وجد متعته مع إلهه.
و في أحد الأيام سمع صوت إلهي يقول لـه : قم يا يـوحنا اذهـب لأبيـك وأمك ، فقد قـربت أيـام نياحـتك ولما تأكد أن الصوت من الله وبعد أخذ مشورة أب اعترافه ، توجه لقصر أبيه.

حاول يوحنا أن يقترب من القصر وخفق قلبه عندما رأى أبوه وأمه ورأى أخوته يتمايلون على الخيل وحولهم العبيد فعرفهم أما هم فلم يعرفوه.

أما أمه فقد أمرت بطرد هذا الشحاذ ذا الثياب البالية ( ابنها يوحنا ) وبعد أيام طلب يوحنا من أحد الخدم أن يبلغ رسالة إلي والدته ويقول لها : أن الرجل المسكين الذي أمرت بطرده يريد مقابلتك لأمر هام ، تعجبت أمه من هذا الكلام ، فشكله ومظهره يثيران الاشمئزاز واستشارت زوجها ، فقال لها : امض لهذا الرجل المسكين ، فإن أشفقنا عليه ، يشفق الله علينا ويعيد لنا ابننا.

ذهبت الأم وهي متأففة ، فلما قابلت هذا الرجل ، وجدت فيه وداعة ونعمة وتعجبت عندما شكرها على محبتها وتعبها وخدمتها ، ودعا لها بالبركة والصحة ، ثم أهدى لها إنجيلا ذهبيا وطلب منها أن تعده بأن تتركه يعيش ويدفن بهذه الثياب البالية التي يلبسها.

أخذت الأم الإنجيل الذهبي وقبلته و شعرت أن شيئا غامضا يجــذبها إليه ، فطلـبت منه أن يصلي لأجلها و اعتذرت له عن سوء معاملتها له.
ولما عادت للمنزل ووقع نظر زوجها الوالي على الإنجيل الذهبي ، هب صارخا: إنه إنجيل ابني يوحنا ، لابد أن هذا الرجل القديس يعرف مكانه وذهب مسرعا إليه هو و زوجته.

وكانت المفاجأة العظمى عندما سألاه عن ابنهما ، فأجابهما : أنا يوحنا ابنكما ، عقد الذهول لسانهما و ظل يتأملان وجهه ثم وقعا على عنقه يقبلانه بلهفة وهما يبكيان ويتوسلان إليه أن يأتي معها للقصر و يلبس أفخر الثياب في الوليمة العظيمة التي سيعملانها.

أما هو فذكرهما بوعدهما له وقبل يديهما وكانت الأم تبكي ودموعها تسيل أنهارا وهي تقول له : سامحني يا ولدي لو كنت أعلم إنك ابني لما طردتك أما هو فظل يوصيهما إن يكرما الفقراء والمساكين ، فهم أخوة المسيح.

ثم باركهما واستودع روحه بسلام و تعيد الكنيسة بتذكار عيد نياحة القديس يوحنا في 16 أبيب من كل عام ، صلاته تكون معنا آمين.



كل من ترك بيوتا أو أخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو امرأة أو أولادا أو حقولا من أجل اسمي يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية ( مت 19 : 29 )