البابا شنودة الثالث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالمداومة علي الصلاة تصل الي محبة الله.
ان أحببت الله ستصلي. وان صليت كثيرا, ستجد أن محبتك لله سوف تزداد وتتعمق يوما بعد يوم. وهذا طبيعي لأنك ان أحببت شخصا, فسوف تحب أن تتكلم معه. والكلام مع الله هو الصلاة.




وبالصلاة سوف تتعلم الصلاة, أعني تتعلم كيف تتحدث الي الله, حديثا يقودك الي محبته ..
بالمداومة علي الصلاة, سوف تصل الي عمق كل كلمة تقولها في صلاتك, وستجد أنك ترتبط بالله أكثر فأكثر, وتجد دالة في الحديث معه, وشهوة للحديث معه. وهكذا تعلمك الصلاة محبة الله.




كلم الرب في صلاتك بهذا الأسلوب, ومن هنا يتعود لسانك الحديث معه ...
كانسان يريد ان يتعلم احدي اللغات, لابد أن يتكلم بها, حتي لو كان لا يعرف, أو يخطئ في الحديث. الا أنه بكثرة الكلام يتعود لسانه, ويسهل عليه الأمر, الي ان يجيد الحديث بها ... هكذا انت, كلما تكلمت مع الله, يتعود لسانك الحديث معه. وتتعود أن تحادثه بعاطفة حب.




ولكنك في بداية تدربك قد لا تبدأ الصلاة بمشاعر الحب
لذلك ابدأ الصلاة, ولو بتغضب, وحاول أن تتأمل أو علي الأقل تفهم كل كلمة فيها... والقديسون لم يصلوا الي صلاة الحب من بادئ الأمر. انما تدرجوا في عمق الصلاة وعاطفية الصلاة, الي أن وصلوا فيها الي درجات من الكمال, حسبما منحتهم النعمة, وحسبما كانت لهم من مشاعر, ومن استعداد ...




لذلك حاول أن تصلي بعاطفة وفهم ..
لأنك لو صليت بطريقة روتينية, فلن توصلك الي محبة الله. والقديس بولس الرسول يفضل ان يقول خمس كلمات بفهم أفضل من عشرة آلالف بغير فهم (1كو14 :19) ولذلك فان كل كلمة تقولها في صلاتك , قلها بفهم وبعاطفة, من أعماق قلبك, كحبيب يكلم حبيبه, وكصديق يكلم صديقه. وان لم يكن في قلبك هذا الحب وهذه المشاعر ,
قل له:

أعطني يا رب أن أحبك

فهذه هي الصلاة التي كان ينصح بها الشيخ الروحاني,
قل له :
علمني يا رب كيف أحبك
دربني علي محبتك
ودرجني في محبتك
اسكب محبتك في قلبي بالروح القدس

قل له :
انزع يا رب من قلبي كل محبة أخري تتعارض مع محبتك
حتي يصير القلب كله لك وحدك .
لا تسمح أن أحب أي شئ أو أي أحد أكثر منك
ولا أن أحب أي أحد
أو اي شئ
أو شهوة
أو أي رغبة
لا تتفق مع محبتك أنت
لا تسمح يارب ان يوجد في قلبي
من ينافسك
أو ما ينافسك
أو يسئ الي محبتك
اجعل محبتك هي التي تشغلني وتملك قلبي
وهي التي تقود كل تصرفاتي
وتمتزج تماما بكل تصرفاتي وبكل أقوالي وبكل مشاعري
أعطني ايرب أنه اشتهي الجلوس معك والحديث اليك
وأن أجد لذة في الصلاة والمداومة عليها



وان فترت محبتك اطلب منه ان يعيدها بحرارتها
قل له :

أنت يارب تقول "عندي عليك انك تركت محبتك الأولي" (رؤ 2 : 4 )
فكيف أعود يارب الي محبتي الأولي الا بك !
أنت الذي تعيدني الي محبتك
أنت يارب الذي تتوبني فأتوب (ار31: 18)
أنت الذي تمنحني حرارة الروح
لأنك انت يارب نار آكلة (عب12: 29)
لذلك ارجعني يارب الي محبتي الأولي
بل والي أكثر منها



ومن أجمل الأمثلة لصلوات الحب : صلاة التسبيح
التي تحدث فيها لله تأملا في صفاته, مثل صلاة "يا ربي يسوع المسيح مخلصي الصالح" بكل ما تحويه من تفاصيل علاقة النفس بالله , ومثل صلاة الثلاث تقديسات, وكثير من صلوات القداس الغريغوري ...
قل له :
أنت يارب حنون وطيب
أنت طويل الأناة
كم أطلت أناتك علي
وأنا مبتعد عنك
وكم منحتني فرصا لكي أرجع اليك
وكم غفرت لي أيها الغفور المحب
ولم تصنع معي حسب خطاياي



كلم الرب بصراحة كاملة وافتح له قلبك
قل له :

انا يارب اريد ان احبك
ولكن الخطية الفلانية تعوق طريقي اليك
وتسيطر علي قلبي ومحبتي
وانا يا رب حاولت ان اتركها ولم استطع
أعطني القوة أن اتركها
لانه بدونك لا استطيع ذلك (يو15: 5)
نجني يارب من هذه الخطيية
لا لكي أنجو من العقوبة
انما لكي يزول العائق الذي يمنعني من محبتك



تحدث مع الله بمحبته, كما كان يحدثه داود في مزاميره
كأن تقول له :

اشتاقت نفسي اليك
عطشت نفسي اليك
كما يشتاق الآيل الي جداول المياه
كذلك اشتاقت نفسي اليك يا الله
متي أقف واتراءي امام الله
باسمك ارفع يدي
فتشبع نفسي كما من لحم ودسم
محبوب هو اسمك يارب
هو طول النهار تلاوتي
استخدم في صلواتك عبارات الحب ومشاعر الحب وتدرب علي ذلك حتي يتعوده قلبك كما يتعوده لسانك, تقول كما في التسبحة "قلبي ولساني يسبحان القدوس" ...



بالاضافة الي صوات المزامير والأجبية , لتكن لك صلواتك الخاصة التي تقولها من كل قلبك
التي تفتح فيها قلبك لله, وتحدثه عن كل أمورك: عن كل مشاعرك وأفكارك, وعن حروبك وضعفاتك, وعن مشاكلك وسقطاتك, وتسأله المشورة والمعونة, وتطلب منه القوة والبركة, كل ذلك دون أن تتصنع أفكارا أو كلمات أو مشاعر, انما تتكلم مع الله كما أنت, مثلما جاءه الابن الضال بنفس ملابسه القذرة التي عمل بها في رعي الخنازير, واطلب منه أن يهبك محبته كعطية مجانية من عنده,
وقل له :

لا تحرمني يارب من محبتك



متنسوش تصلولي
__________________
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ
(يو 15 : 13)