من كتاب بستان الرهبان
++++.. الراهب والرحمة ..++++
++ الراهب والرحمة ++
+ قال الشيخ الروحاني :
- من يترحم علي انسان ، فان باب الرب مفتوح لطلباته في كل ساعة .
- ذو الافراز ، بكسرة خبز يشتري لنفسه الملكوت ، ومن يفرق ماله بغير افراز ، فباطل هو عمله .
- من يفرح بحسنات كل الناس ، تفيض عليه الحسنات من الرب ، ومن يحزن بصلاح حال الآخرين ، فليس بعد ذلك من شر ، وبسرعة يكون انكساره .
+ قال شيخ :
جيد ان يوجد اسمك مكتوبا في بيوت المساكين والأرامل والضعفاء ، ذلك أفضل من أن يوجد مكتوبا في بيوت باعة الخمر .
+ قالت الأم القديسة سارة :
جيد ان يصنع الانسان رحمة ولو من أجل الناس ، فيأتي فيما بعد الي ان يرضي الله .
+ عند وفاة الأب توما لتلاميذه :
لا تكن أياديكم مبسوطة للأخذ ، بل بالحري للعطاء .
+ كان لراهب ثوب جيد ، فتصدق به علي مسكين ، وبعد يوم مر الراهب بالمدينة ، فأبصر ثوبه علي زانية، فحزن جدا ، فتراءي له ملاك الرب وقال له :
لا تحزن لأجل أن ثوبك لبسته زانية، لأنك ساعة دفعته لذلك المسكن لبسه المسيح وأن كان ذاك قد أعطاه للزانية فهو يحمل أثمه علي نفسه .
+ قيل عن شيخ :
أنه كان كثير الرحمة ، فحدث غلاء عظيم ، ولكنه لم يتحول عن فعل الرحمة ، حتي فقد كل شيء له ، ولم يبق عنده سوي ثلاثة خبزات ، فحين أراد أن يأكل أحب الله امتحانه ، وذلك بأن قرع سائل بابه ، فقال لنفسه جيد لي ا، أكون جائعا ، ,لا أرد أخ المسيح خائبا في هذا الغلاء العظيم ، فأخرج خبزتين له ، وأبقي لنفسه خبزة واحدة وقام يصلي وجلس ليأكل ، واذا سائل آخر قد قرع الباب ، فضايقته الأفكار من أجل الجوع الذي كان يكابده داخله ، ولكنه قفز بشهامة ، وأخذ الخبزة وأعطاها للسائل قائلا : " أنا أؤمن بالمسيح ربي ، أني اذا أطعمت عبده في مثل هذا الوقت الصعب ، فأنه يطعمني هو من خيراته التي لم ترها عين ، التي أعدها لصانعي ارادته " .
ورقد جائعا ، وبقي هكذا ثلاثة أيام لم يذق شيئا ،وهو يشكر الله ، وبينما كان يصنع خدمة بالليل ، جاءه صوت من السماء يقول له : لأجل انك أكملت وصيتي ،وغفلت عن نفسك وأطعمت أخاك الجوعان ، لا يكون في أيامك غلاء علي الأرض كلها " فلما أشرق النور وجد علي الباب جمالا محملة خيرات كثيرة ، فمجد الله وشكر الرب يسوع المسيح ، ومن ذلك اليوم عم الرخاء الأرض كلها .
+ كان راهب مسكينا لا يملك شيئا :
لكنه كن رحيما ، فأتاع سائل يطلب صدقه ، ولم يكن عنده سوي خبزة واحدة فدفعها اليه ،ولمت السائل قال له لست محتاجا الي خبزة ، بل الي ثوب . فأراد الأخ اقناعه فأخذه بيده وأدخله الي القلاية ، فلما أبصر السائل أنه ليس له شيء غير الثوب الذي علي جسده رق له وصب تليس خبز كان معه .
+ كان رئيس دير أبا لمائتي راهب .
هذا زاره السيد المسيح بصورة شيخ مسكين ، فسأله البواب أن يقول للمعلم عنه ، فدخل فوجده يخاطب آخرين فصبر ثم عرفه ، فقال له : دعنا في هذا الوقت ، فتأخر البواب .
وعند الساعة الخامسة زارهم رجل موسر ، فتلقاه رئيس الدير بسرعة ، فتقدم ربنا السائل قائلا : أنا اريد يا معلم أن أكلمك . ولكن الرئيس لم يلتفت اليه ودخل مسرعا مع ذلك الغني ليصلح له طعاما ، بمعني لأنه غريب ، وبعد الأكل شيعه الي الباب ، ونسي المسكين الغريب الي المساء ولم يقابله ، ثم انصرف الرب ، بعد أن رأسيله علي لسان البواب قائلا : " قل للمعلن أن كنت تري كرامة وتشريفا فذلك لأجل سالف تعبك ، اني مرسل لك أقواما يزورونك من اربع جهات الدنيا ، وأما خيرات ملكوتي فعلي هذا الوضع لا تذوقها " . فعرف حينئذ أن الشيخ المسكين هو الرب ، وندم .
+ أخبر بعض الشيوخ :
عن رجل يعمل فاعلا في البساتين ، ويتصدق بجميع أجره خلا قوته ، ثم سوس له الشيطان قائلا له : " ها قد قضيت عمرك جميعه وأنت تتصدق بأجرك ، فهل ضمنت لنفسك عوارض الزمان اجمع أجرك واحفظه ينفعك " ، فجمع ما استطاع جمعه من أجره .
وحدث بعد قليل وهو يعمل في البستان ، أن دخلت شوكة في رجله وسببت له وجعا شديدا ، فأنفق جميع ما كان معه ، ولم ينتفع بشيء منه ، وبعد ذلك أبتدأ يسأل ويتجدي من الذين كان يتصدق عليهم ، وأخيرا انتنت رجله جدا ، فأشار عليه الأطباء بقطعها ، لئلا يتلف الجلد جميعه والقدم تسوس وأوصوا بسرعة قطعها فورا .
وفي تلك الليلة بينما كان يبكي ويتنهد ، رجع الي نفسه وندم ، لأنه أخطأ بجمعه الصدقة التي كان يتصدق بها ، وكان يقول : " أخطأت يارب ، أغفر لي من أجل محبتك لجنس البشر : ، فظهر له ملاك الرب قائلا له : " اين هي الفضة التي ادخرتها وتوكلت عليها لتعينك في مرضك ، لقد راح ما جمعته باطلا ، والصدقة التي كنت تصرفها قد جعت واخذتها "
فبدأ يبكي ويقول :
" أخطأت اليك ، اغفر لي ، وان رجعت معافي قويا عدت الي ما كنت عليه اولا " ، فمس الملاك رجله ، وشفيت للوقت ، وقام من ساعته ومضي الي البستان الذي كان يعمل فيه .
وباكرا حضر اليه الطبيب ، ومعه المنشار ليقطع رجله ، فقالوا له : لقد مضي الي البستان يعمل فيه . فمضي اليه الطبيب ، فوجده واقفا يحفر في الأرض وهو صحيح ، فتعجب وسبح الله وحينئذ عرفه سبب مرض رجله وشفائها ، فمجد الله وانصرف عنه .
فالواجب علينا أن نفحص السبل التي سلك فيها الرهبان الذين تقدمونا ونستقيم مثلهم ، فنجد أمورا كثيرة جدا قالوها وصنعوها ، لأن واحدا منهم قد قال أن الأكل بضيق ، والحياة بغير تلذذ ، أذا اقترنا بالمحبة يوصلان الراهب بسرعة الي ميناء عدم الأوجاع ، وقد شفيا فعلا أحد الاخوة من خيالات الليل التي كان يقلق منها ، أذ أمر أن يخدم المرضي وهو صائم فخفت عنه ، وحينئذ قال : أن أمثال تلك الأغراض لا يستطيع أحد اجتنابها الا بالرحمة .
+ حدثنا القديس أنبا زوسيما عن خبر سمعه من أنبا تادرس :
أنه في مدينة الاسكندرية في أيام يوحنا الأسقف الذي من نيقية ، كانت صبية وثنية مات والداها وخلفت لها ثروة كثيرة . ومرة أثناء نزهتها في بستانها شاهدت رجلا يريد أن يخنق نفسه . فأسرعت اليه ومنعته وسألته عن سبب ذلك . فعرفها أنه في ضيقة بسبب ديونه الكثيرة وضغطات الدائنين عليه وأن الموت أحسن من هذه الحياة المحزنة . فتعهدت له بتسديد ديونه حتي لو كلفها ذلك كل أملاكها ولا يهلك نفسه هكذا . وقد كان . فسدد الرجل ما عليه من ديون وأنفق في ذلك معظم أموال الفتاة تقريبا وبعد أيام ضاق بها الحال واحتاجت هي الأخري بعد أن بذلت معظم ميراثها وثروة والديها لهذا الرجل . واذ لم يكن لها من يهتم بذلت جسدها للزنا .
ولكن الله رب الرحمة والحنان لم يشأ لها هذه الحياة ، واذ أراد مكافأتها سمح لها بمرض . وبينما هي علي فراش المرض عادت الي ذاتها وندمت علي فعلها وعزمت أن تصير مسيحية . واذ أخذت تتعافي ويتركها المرض قال لجيرانها : اعملوا علي نفسي رحمة وأسألوا البابا أن يجعلني مسيحية ، ولكنهم تهاونوا جميعهم بها . وقالوا من يقبل هذه وهي زانية وقد شاع ذكرها . فحزنت الصبية واغتمت لتهاونها بها . ولكن ملاك الرب وقف بها في صورة الرجل الذي رحمته وقال لها ما حالك عرفيني ، فأنا هو الذي رحمتيني . فقال له اني أشتهي أن أصير مسيحية وليس لي من يتكلم من أمري ويهتم بي . فقال لها هل بالحقيقة تشتهين ذلك من كل قلبك . فقال نعم .. واتضرع اليك أن تعينني ان اساتطعت . فقال لها : لا يحخزنك هذا ابدا ولا يعمك فأنا أحضر من يحكلك الي الكنيسة . ثم احضر ملاكين آخرين حملاها الي الكنيسة وتمثل الثلاثة بصورة اشخاص من ذوي الجاه والعظمة في المدينة المعروفين في حاشة وكيل الملك . فحضر القسوس بسرعة والشماسة المكلفون بالمعمودية . وقالوا اعملوا محبة وعمدوا هذه المرأة .
فأجاب القسوس هل تضمنها محبتكم . فقالوا نعم ، نحن نضمنها . فأخذوها وعمدوها وألبسوها ملابس بيضاء . ثم حملها أولئك أيضا وأعادوها الي بيتها وغابوا عنها سريعا .
ولما رآها جيرانها بملابس سألوها عن الذي عمدها فحدثتهم بكل ما جري لها . فقال لها الجيران ومن هم هؤلاء الناس الذين حملوك وطلبوا تعميدك فلم فلم تعرف . فذهبوا للبابا وعرفوه بخبرها . فأحضر البابا القسوس وسألتهم : هل أنتم عمدتهم هذه المرأة فقال : نعم ، فقد سألنا فلان وفلان من أكبر البلد في حاشية وكيل الملك أن نعمدها . ولما دعا البابا أولئك الذين ذكروهم من قصر الولاية وسألهم هل هم الذين ضمنوها فقالوا : ما عرفنا ذلك وما عملناه أصلا .
حينئذ علم البابا أن الأمر الذي جري هو من الله ، ولما دعا المرأة سألها : أخبريني أي صلاح عملت في حياتك يا أبنتي .
فقالت له :
اذ كنت زانية ومسكينة خاطئة فأي صلاح أعمل . فقال لها البابا : تذكري يا ابنتي هل عملت صلاحا واحدا . فقالت له قصة الرجل الذي أنقذته من الديون وخلصت حياته من الموت والشنق .وعندما فرغت من كلامها هذا رقدت لساعتها . فمجد البابا الرب قائلا : عادل أنت يارب وأحكامك عظيمة جدا جدا .
+ قصة عن أهمية عمل الرحمة :
أخبر الآباء عن رجل من أهل دمشق ، وجهه الملك في حاحة ، وفيما هو ماض في طريقه ، وجد انسانا ميتا عريانا علي قاعه الطريق فرحمه ذلك الرجل وخلع ثوبه من عليه والقاه علي ذلك الميت ، ومضي في طريقه . وبعد أيام وجهه الملك في حاجة ، فبينما هو ماض في الطريق راكبا وقع من علي دابته فانكسرت رجله وحمل الي منزله وعولج وبعد أيام فسدت رجله . فتشاور المعالجون فيما بينهم اذا لم تقطع هذه الرجل فجسده يفسد جميعه ويتهرأ . وانصرفوا ووعدوه أنهم يصيرون اليه بالغداه ، فلما فارقوه أمر غلامه أن يتبعهم ويسألهم عما يريدون أن يفعلوه . فقالوا له : رجل سيدك محتاجة الي القطع . اذا صرنا اليه أخرجناه بذلك . فرجع الغلام باكيا وأخبر سيده بقول الأطباء . فحزن ولم يرقد في تلك الليلة ، وكان عنده مسروج فنظر الي انسان وقد دخل اليه نصف الليل من الكوة ، فقال له : ما بالك أيها الانسان حزينا باكيا ، فقال له : وكيف لا أبكي وأحزن وقد أنكسرت رجلي والأطباء يريدون قطعها .
فقال له :
أرني رجلك . فلما أبصرها مسحها بيده وقال له : قم امشي أيضا .
فقال له :
رجل عبد يا سيدي مكسورة وكيف أمشي ! فقال له : استند علي وامشي . فتقدم يمشي وهولا يعرج ابدا . فقال له ذلك الانسان : يا أخي أن الرب قال في انجيله المقدس : طوبي للرحماء لأنهم يرحمون . وأراد الانصراف فقال له : من أجل خاطر الذي أرسلك أما تعرفني من انت فأراه ثوبه عليه . وقال له : أتعرف هذا فقال : نعم يا سيدي كان لي .. فقال له : أنا ذلك الميت الملقي علي الطريق اليذ القيت علي ثوبك ارسلني الله لاشفيك فاشكره وأعمل الرحمة فتخلصك من الآفات وتغفر خطاياك . ولما أتم الكلام انصرف عنه . وقال العليل صحيحا يشكر الله ويسبحه .