سنوات مع أسئلة الناس
ما هو مفهوم البساطة في المسيحية
البساطة هي عدم التعقيد، وهي في المسيحية غير السذاجة. فالمسيحي قد يكون بسيطاً وحكيماً في نفس الوقت. البساطة المسيحية هي بساطة حكيمة. والحكمة المسيحية هي حكمة بسيطة، أي غير معقدة مثل بعض الفلسفات لهذا قال السيد المسيح "كونوا بسطاء كالحمام، وحكماء كالحيات".
+++++
هل تؤمن المسيحية بوجود الحسد
الحسد – كشعور – موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسد أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسداً. ونحن في أخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان.. أنزعه عنا". الحسد إذن موجود، ولكن (ضربة العين) لا نؤمن بوجودها. فبعض الناس يؤمنون أن هناك أشخاص حسودين، إذا ضربوا من حسدوه عيناً، يصيبه ضرر معين. لذلك يخاف هؤلاء من الحسد. ومن الحسودين وشرهم. وأحياناً يخفون الخير الذي يرزقهم به الله خوفا من الحسد. وهم يضربون لهذا النوع من الحسد. قصصاً تكاد تكون خرافية. هذا النوع من الحسد، لا نؤمن به، ونراه نوعاً من التخويف ومن الوسوسة. إن الحسد لا يضر المحسود، بل يتعب الحاسد نفسه : إنه لا يضر المحسود، وإلا كان الجميع المتفوقين والأوائل عرضه للحسد والضياع، وأيضاً كان كل الذين يحصلون على مناصب مرموقة، أو جوائز الدولة التقديرية عرضة للحسد والإصابة بالشر. إننا نرى العكس، وهو أن الحاسد يعيش في تعاسة وتعب بسبب حسده وشقاوته الداخلية، وكما قال الشاعر: اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله ولكن لماذا نصلى لنزع الحسد، مادام لا يضر نحن لا نصلى خوفاً من (ضربة العين) المزعومة، وإنما نصلى لكي يمنع الله الشرور والمكائد والمؤامرات التي قد يقوم بها الحاسدون بسبب قلوبهم الشريرة. فأخوة يوسف لما حسدوه ألقوه في البئر، ثم باعوه كعبد، وكانوا على وشك أن يقتلوه. وقايين قتل أخاه هابيل حسداً له، ورؤساء اليهود لما حسدوا المسيح تآمروا عليه، وقدموه للصلب.
+++++
ما معنى قول الرب في الإنجيل:
"أحبوا أعداءكم" (مت 44:5).. وكيف يمكن تنفيذ ذلك..
محبة الصديق شئ عادى يمكن أن يتصف به حتى الوثني والملحد.. أما محبة العدو، فهي الخلق السامي النبيل الذي يريده الرب لنا.. إنه يريدنا أن نكره الشر وليس الأشرار..نكره الخطأ وليس من يخطئ.. فالمخطئون هم مجرد ضحايا للفهم الخاطئ أو الشيطان علينا أن نحبهم ونصلى لأجلهم، لكي يتركوا ما هم فيه. أما كيف ننفذ ذلك، فيكون باتباع النقاط الآتية: 1- لا نحمل في قلبنا كراهية لأحد مهما أخطأ إلينا.. فالقلب الذي يسكنه الحب، لا يجوز أن نسكنه الكراهية أيضاً. 2- لا نفرح مطلقاً بأي سوء يصيب من يسئ إلينا.. وكما يقول الكتاب: "المحبة لا تفرح بالإثم" (1كو 6:13).. بل نحزن إن أصاب عدونا ضرر. 3- علينا أن نرد الكراهية بالحب و بالإحسان.. فنغير بذلك مشاعر المسيء إلينا.. وكما قال القديس يوحنا ذهبى الفم: "هناك طريق تتخلص بها من عدوك، وهي أن تحول ذلك العدو إلى صديق". 4- مقابلة العداوة بعداوة تزيدها اشتعالاً.. والسكوت على العداوة قد يبقيها حيث هي بلا زيادة.. أما مقابلة العداوة بالمحبة، فإنه يعالجها ويزيلها. 5- لذلك لا تتكلم بالسوء على عدوك، لئلا تزيد قلبه عداوة.. ومن الناحية العكسية إن وجدت فيه شيئاً صالحاً امتدحه.. فهذا يساعد على تغيير شعوره من نحوك. 6- إن وقع عدوك في ضائقة تقدم لمساعدته.. فالكتاب يقول: "إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فأسقه" (رو 20:12). 7- يقول الكتاب المقدس أيضاً "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير" (رو 21:12).. إنك إن قابلت العداوة بعداوة، يكون الشر قد غلبك.. أما إن قابلتها بالحب فحينئذ تكون قد غلبت الشر بالخير.
+++++
هل كل فكر شرير يجول بذهني يحسب خطية
ليس كل فكر شرير يجول بذهنك يحسب خطية، فهناك فرق بين حرب الفكر، والسقوط بالفكر. حرب الفكر، هو أن يلح عليك فكر شرير. و أنت غير قابل له، وتعمل بكل جهدك وبكل قلبك على طرده، ولكنه قد يبقى بعض الوقت. و بقاؤه ليس بإرادتك، لذلك لا يحسب خطية. بل إن مقاومتك له تحسب لك برا، أما السقوط بالفكر فهو قبولك الفكر الشرير، والتذاذك به، واستبقاؤك له، وربما اختراعك لصور جديدة له … والسقوط بالفكر قد يبدأ من رغبة خاطئة في قلبك، أو من شئ مختزن فى عقلك الباطن. أو قد يبدأ بحرب للعدو من الخارج، تقاومها أولاً، ثم تستسلم لها وتسقط، وتتطور في سقوطك. أو قد تسقط في الفكر إلي لحظات، وترضى به، ثم تعود فتستيقظ لنفسك وتندم، وتقاومه فيهرب. على قدر ما تقاوم الفكر، تأخذ سلطاناً عليه، فيهرب منك، أو لا يجرؤ على محاربتك. وعلى قدر ما تستسلم له، يأخذ سلطاناً عليك، ويجرؤ على محاربتك. بيدك دفة الحرب، وليس بيده، الفكر يحس نبضك، وعلى حسب حالتك يحاربك. قال السيد المسيح"رئيس هذا العالم يأتي ، وليس له في شئ" (يو 30:14). أما أنت، فهل عندما يحاربك الشيطان، يمكنه أن يجد فيك شيئاً له. إن الفكر يختبر قلبك: هل يوجد فيه ما يشابهه و"شبيه الشيء المنجذب إليه.. أو هل يمكن إيجاد هذا الشبيه فإن كان قلبك من الداخل أميناً جداً، لا يخون سيده مع هذه الأفكار، ولا يفتح لها مدخلاً إليه، ولا يتعامل معها، ولا يقبلها، حينئذ تهرب منه الأفكار، وتخافه الشياطين.. أما إن تساهل القلب مع الأفكار، فحينئذ تجرؤ عليه. هناك أفكار شريرة تدخل إلي القلب النقي لتساهله معها. هناك أفكار شريرة تخرج من القلب الشرير لعدم نقاوته. أي أن هناك أفكاراً شريرة تأتي من الخارج، وأخرى من الداخل. الأفكار الشريرة التي من الخارج، مثالها محاربة الحية لحواء، وكانت حواء نقية القلب. ولكن بسبب تساهلها مع الحية، دخلت الأفكار إلى قلبها، وتحولت إلى شهوة وإلي عمل. أما الأفكار الشريرة التي من الداخل، فعنها قال الرب "والإنسان الشرير، من كنز قلبه الشرير، يخرج الشر" (لو6: 45). وقد تأتى الأفكار من القلب من أفكار مختزنة. وقد تأتى من العقل الباطن، من صور وأفكار وأخبار مختزنة.. من هذا المكنوز في الداخل، تخرج الأفكار، لأية إثارة، ولأي سبب. فاحرص أن يكون المكنوز فيك نقياً. على أن الأفكار التي تخرج من العقل، تكون أقل قوة. إنها أقل قوة من الأفكار التي تخرج من القلب. لأن الخارجة من القلب، تكون ممتزجة بالعاطفة أو بالشهوة، ولهذا فهي أقوى. وهكذا بإمكان الإنسان بسهولة، أن يطرد الأفكار التي تخرج من العقل. ولكنه إذا استبقاها، أو تساهل معها، فقد تتحول إلى القلب، وتنفعل بانفعالاته، فتقوي… لذلك كما يجب على الإنسان أن يحفظ قلبه، كذلك يجب أن يحفظ عقله، ويحفظ الخط الواصل بين العقل و القلب… "فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة (أم 23:4) أن حرب الأفكار إذا أتتك، وأنت نقي القلب، حار الروح، ستكون حرباً ضعيفة، وبإمكانك أن تهرب منه. أمت إن أتتك وأنت في حالة فتور روحي، أو "من كثرة الإثم قد بردت" محبتك للرب. فحينئذ تكون الحرب عنيفة والهروب صعباً.. لذلك "صلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء". احفظ فكرك، لكي لا يدخله شئ يعكر نقاوتك. واحفظ أيضاً حواسك، لأن الحواس هي أبواب للفكر.. احفظ نظرك وسمعك وملامسك وباقي الحواس. لأن ما تراه وما تسمعه، قد لا تمنع ذهنك من التفكير فيه، ومن الانفعال به، لذلك فالاحتراس أفضل. وإن دخل إلى سمعك أو بصرك أو فكرك شئ غير لائق، فلا تجعله يتعمق داخلك. وليكن مروره عابراً. إن الأشياء العابرة لا تكون ذات تأثير قوي. أما إذا تعمقت، فإنها تترسب في العقل الباطن، وتمد جذورها إلى القلب، وقد تصل على مراحل الانفعال… إن النسيان هو من نعم الله على الإنسان، به يمكن أن تمحي الأفكار العابرة، وما تعبر به الحواس… أما الأفكار التي تدخلها إلي أعماقك، فإنها تستقر في باطنك، وتتصل بالشعور وباللاشعور، ولا يكون نسيانها سهلاً، وقد يكون سبباً في حرب من الأفكار والظنون والأحلام، و مصدراً للرغبات وللانفعالات، ومبدأ لقصص طويلة.. على أن موضوع الأفكار قد يحتاج منا إلى رجعة أخرى…