* المسيح والثلاث سـاعات الأخيرة عـلى الصليب *
للأب متى المسـكين
يتفق الإنجيليون الأربعة أن من الساعة السادسة حتى الساعة التاسعة كانت ظلمة على الأرض كلها. والعلة الوحيدة أن وجه الآب انحجب عن الابن فتحوَّل نور العالم إلى ظلمة!! وفي نهايتها صرخ المسيح: "إلهي إلهي لماذا تركتني" يقول المزمور: "أضىء بوجهك ..." (مز 16:31)، فإذا حجب الله وجهه فالظلام حتمي هو! فإن كان قد دخل المسيح الظلمة وهو نور العالم فمن أين يستمد العالم نوره وليس هذا مجرَّد توارد خواطر بل هو لاهوت النور والظلمة. فنور الشمس لا يكفي لإنارة عالمنا لأن الشمس تستمد ضياءها من نور الخالق: "تحجب وجهك فترتاع" (مز 29:104). لذلك ما دام لنا النور فنحن في النور نعيش، ولكن إن انحجب مصدر النور فقد أدركتنا الظلمة (يو 35:12). ومعنى أن الظلمة غطَّت الأرض من الساعة السادسة إلى التاسعة هو عميق للغاية، إذ معنى ذلك أن الابن المُرسَل إلى العالم وهو نور العالم قد انقطعت صلته بالعالم هذه الثلاث ساعات. دخل فيها معركته الفاصلة مع رئيس هذا العالم، فساد الظلام "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو 53:22)، وانتهت بموته على الصليب الذي ظفر به على الرؤساء والسلاطين وأشهرهم جهاراً. فبموت المسيح انقشع سلطان الظلمة من عالم الإنسان. فهذه الثلاث ساعات أساس للمعركة الكبرى التي تمَّت بين سلطان النور وسلطان الظلمة، سادت فيها الظلمة إلى ثلاث ساعات واكتسحها النور إلى الأبد. ونتيجة هذه الثلاث ساعات لا تزال قائمةً، فظلمة العالم مغلوبة حتى وإن سادت، ومهما طغت علينا فنحن خارجون منها حتماً لأننا نتبع النور. لقد أُعطي للظلمة أن تغلب النور إلى ثلاث ساعات، ولكن النور يبدِّدها بيقين كيقين الفجر بعد ليل!!
34:15 "وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: إِلُوِي إِلُوِي لَمَا شَبَقْتَنِي الَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي"
"بصوتٍ عظيم":
مرَّتان أعطى المسيح هذا الصوت العظيم في ندائه للآب، هنا وفي تسليمه الروح (مر 37:15). ولم يكن هذا الصوت العظيم يخصّه بقدر ما يخصنا. وقد سجَّلها القديس مرقس وعنه أخذها القديس متى، وقد نطقها المسيح باللغة الأرامية:
"إلوي إلوي لما شبقتني"
هنا النطق الحرفي للغة الأرامية ذات النبرة العبرية، هو مأخوذ من نص المزمور: "إلهي إلهي لماذا تركتني ..." (مز 1:22). وفي إنجيل القديس مرقس يوضِّح النص الأصلي العبري. وقد قدَّم القديس مرقس الترجمة اليونانية مباشرة لمنفعة القارئ الأممي، وهي بآن واحد شرح لتسليم الروح الذي جاء في الآية (37). وطبعاً ليس من السهل أبداً إدراك عمق هذه الصرخة وأهميتها في تكميل الصليب والفداء، لأن ظاهرها معثر وغير مقبول ولا مفهوم، كيف يقول المسيح: إلهي إلهي لماذا تركتني لذلك لم يذكرها كل من القديس لوقا والقديس يوحنا، أمَّا القديس متى فأخذها حرفياً من القديس مرقس.
أمَّا قيمة هذا النداء اللاهوتي الذي يصرخ فيه المسيح من صعوبة وعذاب التخلِّي وتَرْك الآب له، فهو بند لاهوتي جليل الشأن حسب ما شرحناه سابقاً (في نفس الكتاب: "الإنجيل بحسب القديس مرقس" - صفحة 607). فلولا ترك الآب له ما استطاع أن يُصلب وما أمكن أبداً أن يموت، لأن لعنة الصليب لا يمكن أن يقبلها دون أن يتخلَّى الآب عنه ليتحمَّل اللعنة وحده، وإلاَّ فإنها تمس الآب، وهي الجزء الأكبر من الفداء الذي فيه يقبل اللعنة من أجل البشرية التي يحملها فتشترك البشرية في اللعنة معه، وهكذا تكون قد أكملت الجزء الأول من العقوبة التي اكتسبها آدم وسلَّمها لبنيه. ولكن الابن بار هو، فإن قَبـِلَ اللعنة من أجلنا فبرُّه أقوى منها، لذلك استحالة أن تحتويه اللعنة أو ينصبغ بها. فهو قَبـِلَها في جسده مشاركة لنا في كل عمقها، ولكن هيهات أن تطاله في برِّه. فهو قَبـِلَ اللعنة في الجسد وبقي باراً كما هو، قَبـِلَها لكي يرفعها علناً بعد ذلك بقيامته من بين الأموات.
أمَّا الجزء الآخر والأكثر فاعلية في الفداء والأكثر مهانة للابن، فهو أنه قَبـِلَ الموت حتى إلى ثلاثة أيام كاملة كطقس الموت والموتى بكل سطوته. فلولا أن الآب تركه ليموت وحده ما كان ممكناً أن يموت البتة. فالترك الإلهي من الآب هو الذي جعل الموت على الصليب ممكناً. وبه أكمل المسيح الفداء، فداء الإنسان من الموت والهاوية. ولكن الموت لم يستطع أن يُمسِك بالمسيح أو فيه لأنه بار وبرُّه أقوى من الموت لأنه بر الله، بر الحياة الأبدية. فإن كان المسيح قد رضي بالموت من أجل الإنسان لنموت معه، فبعد أن أكمل الموت وأكملنا الموت معه ووفَّينا العقوبة كاملة، قام المسيح ببرِّه نافضاً الموت عنه، ودائساً على سلطانه وسطوته، ودسناه لمَّا داسه بالحياة الأبدية التي أخذناها. فأقامنا معه في بشريته شركاء قيامة وحياة أبدية، فلن يعود للموت سلطان علينا لأننا وُهبنا حياة الأبد.
وهكذا يتضح لدى القارئ أن ترك الآب للمسيح كان العنصر الفعَّال الذي جعل المسيح يُكمِّل الفداء، إذ دخل اللعنة والموت وحده اللذين احتواهما ولم يحتوياه، ورفعهما ببرِّه فتبرَّرت فيه البشرية التي لبسها ببر الله. وحينما أكمل الفداء هكذا بنفسه وحده أقامه الآب بمجد عظيم، وأقامنا معه، فصرنا شركاء قيامة ومجد. فالمجد الذي تسربل به المسيح بالقيامة من بين الأموات أعطانا إيـَّاه: "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو 22:17)، وكان ثمناً لاحتماله تخلِّي الآب وتكميله اللعنة والموت وحده من أجلنا، فاستحققنا ما استحقه!!
35:15 "فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لَمَّا سَمِعُوا: هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا".
هكذا تُفسَّر أقوال المسيح حتى اليوم تفسيراً غوغائياً عند الذين لا يتبصَّرون!
36:15 "فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلأَ إِسْفِنْجَةً خلاًّ وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ قَائِلاً: اتْرُكُوا. لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ"!
أمَّا الخل فشأنه شأن الخمر الممزوج بمرارة (23:15)، والقصد منه تخفيف الآلام عن المحكوم عليه بالصلب. وشَرِبَ المسيح الخل من أجلنا لتتم النبوَّة حتى آخر لحظة: "وفي عطشي يسقونني خلاًّ." (مز 21:69)
37:15 "فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ".
لم يقل هنا أيُّ إنجيل من الأناجيل أن المسيح: "مات" كفعل ماضٍ، ولكنه أسلم الروح بسلطانه وإرادته وحده.
"أسلم الروح":
الكلمة اليونانية لا تفيد أنه أسلم الروح بل "تنفَّس النفس الأخير". أمَّا القديس متى فقال: أسلم الروح، وهنا أسلم الروح ترجمة صحيحة، أمَّا القديس لوقا فجاءت عنده: "يا أبتاه في يديك أستودع روحي، ولمَّا قال هذا أسلم الروح" (لو 46:23). فالقديس مرقس يتبع قول المسيح نفسه قبل الصليب الذي قاله: "لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضاً" (يو 18:10)، "لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً" (يو 17:10) كما سيجيء، فهو وضع نفسه ووضع روحه ليُكمِّل واجبات الموت، ولكنها بقيت له وفيه وبها قام بعد أن أكمل عقوبة الموت معنا حتى التمام إلى ثلاثة أيام. "فحياته الأبدية" جزء من كيانه الإلهي لم تفارقه ولا لحظة واحدة، فموته الذي ماته ماته "بالجسد"، أمَّا نفسه وروحه فلم تُمس. لذلك من الواجب واللازم لاهوتياً أن لا نقول أبداً أن "المسيح مات" وحسب أو أن "الابن مات" وحسب، بل ينبغي لاهوتياً أن يُقال إنه مات بالجسد أو الابن مات بالجسد. فالآب لم يُحْيـِه من موت، بل هو الذي قام وحياته فيه، بل وأقامنا معه بحياته وقيامته؛ ولكن الآب بعد ذلك رفَّعه إلى أعلى السموات. ومجازاً يُقال إن الآب أقامه من بين الأموات أو أن الروح القدس أقامه من بين الأموات، لأنه هو "قام حقًّا"، قام بقوته وسلطانه وإرادته. ولكن أن يُقال الله أو الآب أو الروح أقامه فهذا جيدٌ، لأن الآب والابن والروح القدس قوة واحدة وسلطان واحد. وهذا اللاهوت يؤمِّن وحدانية الله في أقانيمه، ويؤمِّن الوحدة القائمة بين اللاهوت والناسوت.
وغني عن البيان الدقة اللاهوتية في تقرير القديس مرقس - وهو الأصل - أن المسيح على الصليب تنفَّس النفس الأخير وحسب، الذي على أساسه ينبغي أن يُعاد صياغة اللاهوت.
ولكن القديس يوحنا يقول: وتعني أسلم الروح، وهكذا نرى في جميعها أن المسيح سلَّم روحه بإرادته وسلطانه وحده.
ومن السهل ملاحظة أن صرخة تسليم الروح مرتبطة تماماً بصرخة "إلهي إلهي لماذا تركتني"، حيث لمَّا بلغ الترك أقصاه بلغت الرسالة مداها فكانت النهاية.
وواضح من الإنجيل أن المسيح أسلم روحه على أساس أنه سيستردها بنفسه:
+ "لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً (ثانية). ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي، لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً. هذه الوصية قبلتها من أبي." (يو 10: 17و18)
لقد لاحَظَ بيلاطس أن المسيح مات بأسرع من معدَّل موت الآخرين:
+ "جاء يوسف الذي من الرامة وهو مشير شريف، وكان هو أيضاً منتظراً ملكوت الله، فتجاسر ودخل إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع. فتعجَّب بيلاطس أنه مات كذا سريعاً، فدعا قائد المائة وسأله هل له زمان قد مات" (مر 15: 43-44)
هذا يوضِّح لنا أن المسيح لم ينتظر عوارض الموت لتُداهمه، بل أسلم روحه لما وجد أن كل شيء قد أُكْمِل:
+ "فلمَّا أخذ يسوع الخل قال قد أُكمل، ونكَّس رأسه، وأسلم الروح." (يو 30:19)
هذه كلها براهين واضحة أن روحه لم تُنتزع منه؛ بل هو هو الذي أسلمها بإرادته بعد أن أكمل واجبات الموت من آلام.
هذا هو الموت عند المسيح، فهو ليس عدواً يَصرَع وقضاءً مبرماً ونصيباً محتوماً، وصاعقة تنزل في لحظة لا ينتظرها الإنسان؛ بل المسيح هو الذي اقتحمه بجرأة وقداسة برِّه، لأنه منزَّه عن كل دَيْن للموت، دخله وهو يحمل في كيانه قوة الحياة الأبدية، فوطأ الموت بقدميه وخلَّص من براثنه كل أسرى الرجاء الذين ماتوا وعيونهم شاخصة لله يطلبون الحياة والوطن الأفضل، وهبهم حياته وصعد بهم فتلقاه الآب بجبروت يمينه ورفعه إلى أعلى السموات وأجلسه عن يمينه مع كل أسرى حبه:
+ "وأنتِ أيضاً فإني بدم عهدكِ قد أطلقتُ أسراكِ من الجُب الذي ليس فيه ماء." (زك 11:9)
+ "ارجعوا إلى الحصن يا أسرى الرجاء." (زك 12:9)
+ "لذلك يقول أيضاً: إذ صعد إلى العلاء سبى سبياً (ضمَّ إليه الذين سباهم الشيطان) وأعطى الناس عطايا، وأمَّا أنه صعد فما هو إلاَّ أنه نزل أيضاً إلى أقسام الأرض السفلى. الذي نزل، هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السموات لكي يملأ الكل." (أف 4: 8-10)
38:15 "وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَينِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ".
يذكر هذه الحادثة الثلاثة الإنجيليون، وفي معناها تكشف عن انفتاح قدس الأقداس، أي قلب الله، للعالم أي الأُمم. بمعنى أن حجاب الغضب الفاصل بين الله والإنسان قد انكسر بانكسار جسد الابن على الصليب. لذلك يقول القديس بولس في سفر العبرانيين: "فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقاً كرَّسه لنا حديثاً حيًّا بالحجاب أي جسده" (عب 19:10و20). فموت المسيح حُسب بحد ذاته قوة أزالت العقوبة باللعن والموت معاً عن الإنسان، وبارتفاع العقوبة من الوسط تصالح الله مع الإنسان، فرُفع حجاب الغضب الفاصل بين الله والإنسان الذي صنعه الإنسان بعصيانه وتعدِّيه وخطاياه ولفَّه الموت بالسواد. والآن لا خطية بعد ولا موت بل نعمة في بر المسيح وحياة أبدية:
+ "إن الله كان في المسيح مُصالِحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم ..." (2كو 19:5)
+ "لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحداً ونقض حائط السياج المتوسط، أي العداوة، مُبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً صانعاً سلاماً. ويُصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلاً العداوة به." (أف 2: 14-16)
وينبغي أن ننتبه إلى طريقة القديس مرقس في ضم تسليم الروح إلى انشقاق الحجاب، إذ جعل موت المسيح ذا تعبير لحظي شديد الوقع، وعلى مستوى عيني منظور، وفي أقدس ما يملك اليهود وهو الحجاب الذي يفصل قدس الأقداس عن القدس، حيث قدس الأقداس هو المكان الذي يتراءى فيه يهوه الإله العظيم! إذن، فبموت المسيح صار الله ظاهراً للجميع.
39:15 "وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنـَّهُ صَرَخَ هكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ، قَالَ: حَقًّا كَانَ هذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللهِ!".
وقائد المئة هو المنوط به حراسة المحكوم عليه، فكان واجبه أن يقف طول الوقت في مواجهة الصليب بحيث لا تغيب عنه أي حركة. وقد ذكره هنا القديس مرقس في بساطة متناهية، أمَّا الأناجيل الأخرى فأضافت أنه مجَّد الله على ما رأى، وأنه اندهش مما حدث. ولكن على كل حال قد وُهِبَ هذا الإنسان أن يرى عن قرب موت المخلِّص وكل حركاته وسكناته، وغالباً أنه دخله خشوع فائق لأن تصرُّف المسيح كان أعلى ما شهده هذا القائد المبارك. واعتراف هذا القائد يُشْعِرنا أنه نال مسحة من انفتاح البصيرة فأحسَّ بالله وأعماله.
وينبغي ألاَّ يغيب عن بالنا كيف بدأ القديس مرقس إنجيله بقوله: "إنجيل يسوع المسيح ابن الله". وهكذا انتهز فرصة اعتراف هذا القائد ليختم إنجيله بشهادة أجنبي غريب عن "ابن الله" لمَّا عزَّت الشهادة عند الرؤساء والتلاميذ وذوي القُرْبى. وقد أعطت الكنيسة في تقليدها اسماً لهذا القائد المبارك فأسمته لونجينوس.
40:15و41 "وَكَانَتْ أَيْضاً نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعيِدٍ، بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ وَيُوسِي، وَسَالُومَةُ، اللَّوَاتِي أَيْضاً تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي الْجَلِيلِ. وَأُخَرُ كَثِيراتٌ اللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ".
هنا يقدِّم القديس مرقس بهذه الأسماء لرواية الدفن والقيامة بالضرورة. فقصة الصليب بلغت نهايتها عند ذِكْر شهادة قائد المئة التي ختم بها القديس مرقس حياة المسيح، مؤكِّداً أنه ابن الله من البداية للنهاية! وهذا يُحسب له روعة في تنسيق الإنجيل لاهوتياً على واقع الأحداث!
"مريم المجدلية":
منسوبة إلى بلدة مجدلة (المجدل) على الجانب الغربي من بحيرة طبرية.
"مريم أُم يعقوب الصغير ويوسي":ويصفها إنجيل يوحنا أنها زوجة كلوبا (25:19). ويظهر أنها مريم أُم يعقوب الصغير ويوسي وهما شخصان معروفان لدى الكنيسة الأُولى. وأمَّا يعقوب هذا فهو ابن حلفى (مر 18:3) وربما يكون حلفى هو كلوباس، أمَّا وصفه بالصغير لتمييزه عن يعقوب أخي يوحنا، إمَّا بسبب صغر كرامة أو قامة أو عمر. أمَّا يوسي فهو يوسف ولا يُعرف عنه أكثر من اسمه.
"سالومة":ويجيء اسمها بعد ذلك حالاً في ترتيب الحنوط للجسد. وهي ضمن النسوة اللاتي كُنَّ يخدمن يسوع. هؤلاء وقفن من بعيد، حسب طاقة احتمالهن الرهيفة لأن شناعة تحدِّي رؤساء الكهنة والكتبة وأعوانهم كانت لا تُطاق؛ كذلك لا تحتمل قلوبهن الرقيقة هذا العنف الشديد. ولكن من المعروف أن مريم أم يسوع كانت قريبة من الصليب جداً وربما تحته مباشرة، فقلب الأُم يحتمل الأهوال من أجل نظرة الابن الوحيد!! وقد كلَّمها يسوع عن ا&
(يو 14: 2)