الجموع تطلبه في كفرناحوم

"وفي الغد لما رأى الجمع الذين كانوا واقفين في عبر البحر

أنه لم تكن هناك سفينةأخرى سوى واحدة،

وهي تلك التي دخلها تلاميذه،

وأن يسوع لم يدخل السفينة مع تلاميذه

بل مضى تلاميذه وحدهم". [22]

يقول القديس كيرلس الكبير أن معجزة سير السيد المسيح على المياه حدثت ليلًا في الظلام، وقد اكتشفتها الجماهير التي تترقب حركاته دون أن يخبرهم بها. [من يريد اقتفاء خطوات المسيح، وبقدر ما هو مُستطاع لدى البشر لكي يتشكل الإنسان حسب مثاله يلزمه ألا يحيا في حب الافتخار، ولا ينحرف سعيًا وراء المديح حين يمارس فضيلة، ولا يفتخر حين يدخل في حياة غير عادية بنسكٍ كثير، بل عليه أن يشتاق أن تراه عينا الله فقط، الذي يكشف الخفيات، وما يتم في الخفاء يظهره بأوضح إعلان.]

"غيرأنه جاءت سفن من طبرية إلى قرب الموضع الذيأكلوا فيه الخبز،

إذ شكر الرب". [23]

"فلما رأى الجمع أن يسوع ليس هو هناك ولا تلاميذه

دخلوا هم أيضًا السفن،

وجاءوا إلى كفرناحوم يطلبون يسوع". [24]

"ولما وجدوه في عبر البحر قالوا له:

يا معلم متى صرت هنا". [25]

يقصد بالجانب الآخر من البحر ساحل البحر الشمالي حيث توجد كفرناحوم في أرض جنيسارت.

يبدو أنهم وجدوه في المجمع اليهودي [٥٩]، فقد اعتاد السيد أن يحضر في الاجتماعات الدينية (لو ٤: ١٦). يليق بنا أن نطلبه في مجمع شعبه، إذ هو حال في وسطهم. إذ وجدوه أنه قد هرب منهم حين طلبوه ملكًا بدأوا يتعاملون معه كمعلم وليس كملكٍ.

* ماذا توقعت الجموع سوى أنه قد جاء إلي هناك عابرًا البحر بقدميه إذ لم يكن ممكنًا أن يكون قد جاء بسفينة أخرى. إذ يقول الإنجيلي أنه وجدت سفينة واحدة بها التلاميذ. لذلك عندما جاءوا إليه بعد دهشة عظيمة لم يسألوه كيف عبرت، أو كيف بلغت إلى هناك، ولا طلبوا أن يفهموا آية عظيمة كهذه. وإنما ماذا قالوا "يا معلم متى صرت هنا" (يو 6: 25)[680].

* عبر اليهود البحر الأحمر تحت قيادة موسى، لكن تلك الحالة مختلفة تمامًا عن هذه. فعل موسى ذلك كله بالصلاة كخادمٍ، أما المسيح ففعل بسلطانٍ مطلقٍ. هناك إذ هبت ريح الجنوب انسحبت المياه لتجعلهم يعبرون إلى أرض جافة، أما هنا فالمعجزة أعظم (خر 14: 21). فإن البحر احتفظ بطبيعته المناسبة له، وسار ربه علي سطحه، هكذا مختبرًا ما يقوله الكتاب: الماشي علي البحر كما علي رصيف" (أي 9: 8)[681].

القديس يوحنا الذهبي الفم